تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القيام للداخل عند السلام عليه



إماراتية
20-07-2006, 07:43 PM
القيام للداخل عند السلام عليه


مسألة القيام للداخل كثر النزاع فيها ، وطال الجدل حولها . وقبل البدء في تقرير المسألة أشير إلي أمرين ينبغي لطالب العلم استحضارهما عند هذه المسألة ونحوها من المسائل الاجتهادية التي تتنازع الأفهام فيها نصوص الشرع :
الأمر الأول :
أن مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها .
بمعني أن المسألة إذا تجاذبنها الأدلة ، أو اختلفت الأفهام في مدلول نصوصها ، ولم يكن الصواب واضحاً كالشمس ، فإن علي الطالب أن يذكر ما وصل إليه اجتهاده ، وأداه إليه فهمه ، مع الإجابة عن حجج المخالف ، ويكتفي بهذا القدر لأنه لو أنكر فعل المخالف ، لخرج من يُنكر عليه قوله ، فتصبح المسألة دوراً ، ويشغل المسلمون عما هو أهم من هذه المسائل ، بالإضافة إلي تشتيت أذهان العوام ، وجعلهم في حيرة من أمرهم .
الأمر الثاني
وجوب مراعاة القاعدة الشرعية التالية :
(( إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما ))
وكذا القاعدة القائلة (( درء المفاسد أولي من جلب المصالح )) .
وبعد هذا العرض نقول :
اختلف العلماء رحمهم الله تعالي قديماً وحديثاً في القيام للداخل هل يجوز أم يحرم ، أم يجوز في حق أُناس ، ويحرم في حق آخرين ، إلي غير ذلك من الآراء .
وقبل الدخول في هذا الخلاف نحرر محل النزاع ، فنقول : القيام علي أقسام ، وهي :
1- القيام علي الرجل :
بمعني أن يقوم شخص أو أكثر علي شخص جالسٍ كما هو حال الملوك والجبابرة .
فهذا القيام محرم ، لورود النهي عنه صراحة في حديث جابر بن عبد الله ، ونصه قال :
(( اشتكي رسول اللهr فصلينا وراءه وهو قاعد ، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره ، فالتفت إلينا فرآنا قياماً ، فأشار إلينا فقعدنا ، فصلينا بصلاته قعوداً ، فلما سلم قال : كدتم أنفاً لتفعلون فعل فارس والروم يقومون علي ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا ... )
أخرجه مسلم في صحيحه ( 1/176 ط الحلبي )
ويستثني من ذلك ما إذا كان القيام لفائدة . قال ابن مفلح في ( الآداب ) ( 1/460 ) : (( وأما القيام لمصلحة أو فائدة ، كقيام معقل بن يسارٍ يرفع غصناً من شجرة عن رأس رسول اللهr وقت البيعة . رواه مسلم وقيام أبي بكر يظله من الشمس : فمستحب )) . ا هـ .

2- القيام للتهنئة أو التعزية :
وهذا القيام جائز لأن النبيr أقر طلحة بن عبيد الله علي قيامه لكعب بن مالك تهنئة له بتوبة الله عليه ، وهذا نص الشاهد من القصة . قال كعب :
(( حتى دخلت المسجد فإذا رسول اللهr جالس في المسجد ، وحوله الناس ، فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام رجل من المهاجرين غيره ، فكان كعب لا ينساها لطلحة ))
ويلحق بذلك التعزية ، لأنه لما جوز القيام في شدة الفرح ، فالقيام في شدة الحزن أولى والله أعلم .

3- القيام لإعانة العاجز :
وهذا القيام مستحب ، لما ثبت في مسند الإمام أحمد عن عائشة – رضي الله عنها – في قصة بني قريظة ، وفيه ( قال أبو سعيد : فلما طلع – يعني سعد بن معاذ – علي رسول اللهr قال : (( قوموا إلي سيدكم فأنزلوه )) ، فقال عمر : سيدنا الله عز وجل . قال : (( أنزلوه )) ، فأنزلوه . قال الحافظ ابن حجر : سنده صحيح ( الفتح 11/51 )
فهذه الرواية تبين أن الأمر بالقيام إليه إنما هو لأجل إعانته ، لأنه كان مصاباً يوم الخندق ، ففيها استحباب القيام لمساعدة العاجز .
ولو كان القيام المأمور به في هذا الحديث لغير المنى المذكور لما خص الأنصار دون غيرهم . قاله ابن الحجاج في المدخل ( 1/159 ) وقال أيضاً : لو كان القيام لسعد علي سبيل البر والإكرام لكان هوr أول من فعله ، وأمر به من حضر من أكابر الصحابة ، فلما لم يأمر به ، ولا فعله ولا فعلوه ، دل علي أن الأمر بالقيام لغير ما وقع فيه النزاع ، وإنما لينزلوه عن دابته ، لما كان فيه من المرض ... إلخ . ا هـ .

4- قيام الابن لأبيه والزوجة لزوجها ، والعكس :
وهذا القيام جائز ، لما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة – رضي الله عنها – في حديث الإفك ، وفيه :
(( فقالت لي أمي : قومي إليه ، فقلت : والله إني لا أقوم إليه إني لا أحمد إلا الله عز وجل )) فأقر النبيr أم عائشة علي هذا ويستفاد منه - أيضاً – القيام للتهنئة ، وقد سبقت .
وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت :
ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً – وقال الحسن – ( حديثاً وكلاماً ) برسول اللهr من فاطمة – رضي الله عنها – كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه . وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها ))
أخرجه أبو داود في سننه ( 20 / البذل )
وقال ابن مفلح في ( الآداب) بعد أن ساق سنده : إسناد صحيح ، ورواه النسائي والترمذي وقال : صحيح غريب من هذا الوجه . ا هـ .
ففي هذا الحديث جواز قيام الابن لأبيه والعكس . وفي معني الأب : الأم والعم والخال والخالة والله أعلم .
وقد سأل حنبل الإمام أحمد – وهي احدي الروايات عنه – فقال : قلت لعمي تري للرجل أن يقوم للرجل إذا رآه ؟ قال : لا يقوم أحد لأحد إلا الولد لوالده أو لأمه . فأما لغير الوالدين فلا ، تهى النبيr عن ذلك . ا هـ من ( الآداب ) لابن مفلح ( 1/463 )
وسئل الإمام مالك عن المرآة تبالغ في إكرام زوجها فتتلقاه ، وتنزع ثيابه ، وتقف حتى يجلس ، فقال أما التلقي فلا بأس وأما القيام حتى يجلس فلا ، فإن هذا فعل الجبابرة . وقد أنكره عمر بن عبد العزيز . ا هـ من ( فتح الباري ) ( 11/51 )

5- القيام للقادم من سفر :
وهذا القيام جائز ، لأن الصحابة كانوا إذا قدموا من سفر تعانقوا . قال ابن مفلح في ( الآداب 1/459 ) : والمعانقة لا تكون إلا بالقيام . ا هـ .
وسأل مُثني أبا عبد الله أحمد بن حنبل : ما تقول في المعانقة ؟ وهل يقوم أحد لأحد في السلام إذا رآه ؟ قال : لا يقوم أحد لأحد في السلام إذا رآه ؟ قال : لا يقوم أحد لأحد وأما إذا قدم من سفر فلا أعلم به بأساً ، إذا كان علي التدين يحبه في الله ، أرجوا ، لحديث جعفر أن النبيr اعتنقه وقبل جلده بين عينيه . ا هـ .

6- القيام للاستقبال عند القدوم :
وهذا القيام لا بأس به وصورته أن يقوم الشخص من مجلسه لاستقبال إنسان قادم عليه . وقد حمل العلامة ابن القيم الأحاديث الواردة في القيام
- كحديث قيام فاطمة للنبيr وقيامها له – علي هذا النوع من القيام . كما قال – رحمه الله تعالي – جمعاً بين الأحاديث الواردة في القيام والناهية عنه :
وأما الأحاديث المتقدمة: فالقيام فيها عارض للقادم ، مع أنه قيام للرجل للقائه ، لا قياماً له وهو وجه حديث فاطمة .
فالمذموم القيام للرجل وأما القيام إليه للتلقي إذا قدم : فلا بأس به . وبهذا تجتمع الأحاديث والله أعلم . ا هـ من (( حاشية السنن )) ( 4/84 )
وقال أيضاً في الحاشية ( 8/93 ) :
ففرق بين القايم للشخص المنهي عنه ، والقيام عليه : المشبه لفعل فارس والروم . والقيام إليه عند قدومه الذي هو سنة العرب ، وأحاديث الجواز تدل عليه فقط . ا هـ .
وقد نقل اللفظ ابن حجر – رحمه الله تعالي – في (( الفتح )) ( 11/51 ) كلاماً لابن القيم وعزاه إلي حاشية السنن )) هذا نصه :
قال – أي ابن القيم – والقيام يتقسم إلى ثلاث مراتب :
قيام علي رأس الرجل . وهو فعل الجبابرة .
وقيام إليه عند قدومه . لا بأس به .
وقيام له عند رؤيته . وهو المتنازع فيه . ا هـ .

7- القيام عند رؤية الرجل :
وذلك بأن يكون الناس في مجلس فيدخل واحد ، فيقومون له ، ويسلمون عليه .
وقد كثر الكلام حول حكم هذه الصورة من صور القيام . والقول الراجح – إن شاء الله تعالي – تحريمها والنهي عنها ، وذلك لورود الأدلة الصحيحة بالزجر عنها ، والترهيب منها ، وما خالف ذلك من الأحاديث فإنه صحيح غير صريح أو صحيح لا دلالة فيه ، أو غير صحيح البتة . ومن الأدلة علي ذلك :
مما رواه الإمام أحمد في مسنده ( 20/353 فتح ) وأبو داود في سننه ( 20/167 بذل ) والترمذي ، وغيرهم ، عن أبي مجلز أن معاوية دخل بيتاً فيه ابن عامر وابن الزبير . فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير . فقال معاوية - t – اجلس فإني سمعت رسول اللهr يقول (( من سره أن يتمثل له العباد قياماً فليتبوأ مقعده من النار )) . هذا لفظ أحمد .
قال الترمذي : حديث حسن . ا هـ .
فدل الحديث علي تحريم القيام للداخل عند رؤيته .
ووجه دلالته أن الصحابي الجليل راوي الحديث : معاوية – t – فهم منه تحرم القيام للداخل ، ولم يعترض عليه من كان حاضراً .
وهذا هو المستقر في أذهان الصحابة – t – ولذا لم يقر ابن الزبير لمعاوية لما دخل .
وقد استدل بهذا الحديث علي تحريم القيام في هذه الصورة : العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالي – ووضح وجه دلالته الحديث علي المراد ، ورد علي من زعم أن الحديث لا يتناول هذه الصورة . وذلك في حاشيته علي السنن ( 8/93 ) . ويتلخص كلامه فيما يلي :
( أ ) الرد علي من زعم أن هذا الحديث يتناول القيام علي الرجل ، كما هو فعل فارس والروم . وذلك من وجوه :
1- سياق حديث معاوية يدل علي خلاف ذلك .
2- أنهr كان ينهي عن القيام له إذا خرج عليهم .
3- لأن العرب لم يكونوا يعرفوا هذا .
4- لأن هذا لا يقال له : قيام للرجل ، وإنما هو قيام عليه .

( ب) أن هذا الحديث يدل علي تحريم القيام للشخص .
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالي – في موضع آخر من (( الحاشية )) ( 8/48 ) علي هذا الحديث :
(( وفيه رد علي من زعم أن معناه : أن يقوم الرجل للرجل في حضرته وهو قاعد ، فإن معاوية روى الخبر لما قاما ([1]) له حين خرج )) . ا هـ .
وقال ابن الحجاج – رحمه الله تعالي – في كتابه (( المدخل )) ( 1/185 ) : (( وانظر – رحمك الله وإيانا – إلي معاوية الذي تلقي الحديث من صاحب الشريعة – صلوات الله وسلامه عليه – كيف نهي عن ذلك علي العموم ، وذلك الذي فهم ، فكان ينبغي أتباعه في فهمه وفقهه )) . ا هـ .
فإن قال قائل : إن قولهr : (( من سره أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار )) .
يدل علي أن الإنسان إذا أحب أن يقوم له الناس ، وقع في الوعيد . أما إذا لم يحب فلا شيء عليه . وكذا لا حرج علي القائم له ، لأن الحديث ليس فيه ذكر له ولا وعيد عليه .




[1] - في رواية الترمذي من جهة سفيان الثوري : أنهما قاما ولكن الصحيح أن الذي قام ابن عامر فقط . هذا الذي رواه الأئمة وفيهم شعبة ، وهو أولى من رواية الثوري . انظر : (( الفتح )) للحافظ ابن حجر ( 11/50 ) .
http://www.burjes.com/burjes_books.php

العقيد
21-07-2006, 12:35 AM
7- القيام عند رؤية الرجل :
وذلك بأن يكون الناس في مجلس فيدخل واحد ، فيقومون له ، ويسلمون عليه .
وقد كثر الكلام حول حكم هذه الصورة من صور القيام . والقول الراجح – إن شاء الله تعالي – تحريمها والنهي عنها ، وذلك لورود الأدلة الصحيحة بالزجر عنها ، والترهيب منها ،
[]

بارك الله فيك على هذه الفائدة

كل التقدير

العقيد

إماراتية
21-07-2006, 12:04 PM
وجزاك الله أخي العقيد ونفع الله بما قرأت

ملكة الحور
22-07-2006, 04:09 PM
جزاك الله خيرا اماراتيه ونفع بك الامه

عـــيـــن ابــــوهـــا
22-07-2006, 05:48 PM
الله ييزاج خير

يسلموووووووووو

شماسي
22-07-2006, 06:36 PM
يزاج الله خير الغاليه