تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رواية سمو الامير سيف الاسلام بن سعود بن عبد العزيز آل سعود عن عروقه البلوشية



بن بلوش
01-06-2006, 01:19 AM
[align=center][size=3]http://img191.imageshack.us/img191/4229/18ym1.jpg

http://www.alriyadh.com/2005/03/19/img/203105.jpg


الامير السعودي سيف الاسلام
مساعد الثبيتي من دبي: مريم البلوشية فتاة قادها حظهاوساقتها أقدارها للوقوع بين يديّ تجار بشر. خطفوها من أرضها، ونزعوها من وسط اهلها. لم يرحموا طفولتها ولم تلن قلوبهم لتوسلاتها. من أرض بلوشستان قادوها وفي أرض السعودية باعوها. مرت السنوات وكُف البصر، ونسيت كل شي إلاّ حلم العودة لمراتع الصبا وديار الأهل والاحباب. قصة طويلة اختلطت فيها المأساة بالآلام والأشواق، فجعلت من ابنها يسترجع معها تفاصيل حياتها في رواية سماها "قلب من بنقلان" يروي فيها تفاصيل خطف والدته وزواجها من والده، ومن بعد شهادتها على احداث عاصرتها. قصة قد تكون عادية لولا ان كاتبها أمير ابن ملك وحفيد ملك. رواية قد لا تُحدِث كل هذه الضجة لولا ان البطلة هي والدة مؤلف الرواية الأمير سيف الاسلام بن سعود وجزء من محورها العبودية. في "ايلاف" نستضيف الأمير الدكتور سيف الاسلام بن سعود الذي يتحدث عن روايته واسباب سحبها من الاسواق الى جانب حديثه عن موقف افراد الاسرة الحاكمة من العمل الذي يصنفه بعض النقاد انه من اقوى الاعمال جرأة. في اول حوار اعلامي له .اختار "ايلاف" لتكون نافذته الاولى للاعلام العربي.

- وهنا نص الحوار
-دعنا نبدأ من عملك الروائي الأول "قلب من بنقلان" الذي أثار ضجة كبيرة ، لماذا كتبت هذا العمل؟
الانسان عندما يكتب أمرا ما، لا يسأل لماذا كتبه , والكاتب عندما يتطرق لقضية معينة ليسأل عن أسباب تطرقه لهذه القضية. كتبت هذه الرواية في لحظات اقرب ما تكون للحظات البوح او للحظات الانفعال العاطفي . مرّ في ذهني افكار وددت ترجمتها لرواية يشاركني القراء فيها . الرواية جاءت بعد شعور تلبسني تجاه قضية معينة رأيت انه لا بد من كتابتها.

-هناك من رأى انك قصدت من خلف الرواية تبيان دور الملك سعود ؟
صدقني وانا اكتب سطور هذه الرواية لم يخطر على بالي ما تسأل عنه . ما ورد عن دور الملك سعود "رحمه الله" جاء نتيجة تقاطع الاحداث التي مرت بها بطلة الرواية مع فترة حكم الملك سعود , وبالتالي لا يمكن فصل الاحداث عن بعضها بعضا. هناك قضايا تاريخية اخرى , لو وددت الحديث عنها لا يمكن فصل اجزاء منها عن بعضها بعضا , فلا يمكن على سبيل المثال ان تتحدث عن علي ابن ابي طالب ولا تمر على ذكر معاوية رضي الله عنه , فالاحداث او السير للاثنين متداخلة لا يمكن فصلها عن بعض.

بالاضافة الى ذلك فانا لا ارى ما يمنع ابدا تبيان دور الملك سعود , فهذا ملك له من الانجازات والمواقف ما يشهد لها التاريخ وتعد مرتعا خصبا ومباحا لخوض الباحثين فيه , لذلك لا ادري لماذا يعد هذا الموضوع "تابو" يستغرب من طرحه او الخوض فيه.

-وماذا تسمي تركيزك في الفصل السابع الذي يعتبر اطول فصول الرواية على شخصية الملك سعود وابراز مآثره؟
لسبب بسيط أن البطلة عاشت جزءا كبير من حياتها ومرت بكثير من الاحداث في الفترة التي كانت فيها مع الملك سعود . قبل ذلك كانت البطلة تعيش طفولة لم يكن فيها الكثير من الابهار ؛ حتى خطفت من بلوشستان , ونزعت من ارضها , لتذهب بعدها للمملكة , وتعيش مع الملك سعود , وهناك عاشت الكثير من عمرها , وكانت شاهدة على الكثير من الاحداث .على هذا الاساس من الطبيعي ان يستحوذ الحديث عن الملك سعود"رحمه الله" على المساحة الاكبر.

-في نقطة اخرى , قبل ان ترى هذه الرواية النور .. ألم تحاول استشارة قريب او صديق نظرا لحساسيتها؟
اطلاقا , كما تعرف أن الاستشارة لمثل هذه الاعمال قد تفقدها أهميتها او طابعها, لأن " المشير" ربما يطلب منك حذف فصل او الاستغناء عن بعض السطور , وعلى هذا اتخذت القرار وسرت في تنفيذه دون العودة لاحد.

-وكم استغرق العمل حتى خرج بهذا الشكل؟
ثلاث سنوات.

-العمل ظهر فجأة واختفى فجأة . هل سحبته أم طلب منك سحبه من المكتبات؟
انا الذي قمت بسحبه من الاسواق ولم يفرض علي احد سحبه.

-لماذا؟
المجتمع السعودي حتى ومع التطورات والتغيرات الملحوظة التي يعيشها في سنواته الاخيرة, الا أنه يظل في بعض الاحيان لا يتقبل شفافية القول او الطرح , لهذا رأيت أنه من المناسب "ارقاد" هذه الرواية .

-هل هناك مخطط لاعادتها للمكتبات خاصة وان هناك اشاعات تقول إن الامير سيف الاسلام بصدد اعادة روايتة للاسواق؟
في الوقت الحاضر لا اعتقد.. لكن لدي مشاريع روائية اخرى , ونزل للاسواق مؤخرا روايتي الجديدة "طنين" وهي بشهادة النقاد من افضل ما كتب عن الدولة السعودية الاولى والثانية .

-هل تعرضت لضغوط لسحب الرواية؟

غلاف رواية قلب من بنقلان
اطلاقا , انا شعرت انه من غير المناسب توزيع الرواية في اجواء مليئة ـ للاسف ـ بالتوجس .. الكاتب يفرح عندما يرى أثر عمله الادبي في عيون الاخرين , اما عندما يرى التوجس والاسئلة الكثيرة تتطاير من هنا وهناك , يرى انه من الافضل التريث , انا الان في حالة تريث.

-ألم تشعر بان هناك ربما من يتوجس من العمل قبل ان تطرحه؟
قبل هذا العمل لم يكن هناك نوعية مشابهه لما طرحت لأقيس عليه. كل ما أعتقد قوله انه لم يكن هناك في تاريخ العمل الادبي في السعودية نوع من الطرح الجريء ؛ كما طرحت في هذه الرواية.

-بعد خروج الرواية لم يعاتبك احد من داخل الاسرة؟
هناك عتب , وهناك كثير من التشجيع, لكن الاصداء الجيدة للرواية اسعدتني كثيرا . هنا , اوضح لك امرا , أن القراء اثنان , قارئ يحكم على العمل قبل قراءته عن طرd

وصدقني انا لا اسعى لكسب عطف القارئ بقدر ما اسعى لتوضيح حقيقة وامتاع المتلقي.

-الفصل السابع يعتبر اقل من نصف الرواية قليلا ، تحدثت فيه عن الملك سعود كثيرا . هل كنت تقصد هذا التركيز للحديث عن جوانب مضيئة في حياة الملك سعود اغفل ذكرها في السعودية؟
الحديث عن الملك سعود كما قلت جاء نتيجة تقاطع الاحداث للبطلة التي عاشت جزءا كبيرا من احداث حياتها مع الملك سعود . كما لا ننكر أن للمك سعود تاريخا يجب ان يحكى لانه تعرض لظلم تاريخي , ويجب على الباحثين المخلصين ان يتعرضوا لتاريخ هذا الرجل.

-لكن عند الرغبة في الحديث لا يجد الكتاب متسعا ، كما حدث مع الكاتب داوود الشريان عندما كتب في زاويته "اضعف الايمان" ومنعت الحياة من دخول السعودية واوقف عن الكتابة؟
اذكر هذه القصة مع الاستاذ داوود ولا أعلم لماذا. هناك قصة حدثت في اوربيت في برنامج عماد الدين اديب عندما استضاف الشيخ احمد زكي يماني وقال عن الملك سعود كلاما لا يجوز , وعندما ابتغيت الرد عليه وافق الشيخ احمد اضافة الى ادارة اوربيت ولكن فوجئنا بايقاف المقابلة . انا ارى ان هناك توجها غير مستغرب في الدولة الكريمة - لاظهار تاريخ الملك سعود وانصافه ولكن هناك شيئا لا اعرف ماذا اسميه في عدم انصاف ما كان في عهده.

-الا يتحمل ابناء الملك سعود جزءا في عدم ابراز مآثر والدهم؟
نحن نتحمل مسؤوليات كبيرة ويكفي ان هذا الرجل لم يعمل له مؤسسة خيرية حتى الان.

-دعنا نعود للرواية ، هناك استطراد كبير في الرواية على سبيل المثال كتبت عن عُمان اكثر من اربعين صفحة؟
انا من الناس المسكونين بالاماكن والازمنة. اقول لك من الصعب ان تتحدث عن تاريخ ابن عباد في الاندلس دون ان تذكر الممالك العربية حوله ودون ان تتحدث عن تاريخ قرطبة وغرناطة واشبيلية, ودون ان تذكر تاريخ بني الاحمر والاخرين هنا وهناك. الاستطراد عن ذكر عمان ليس لمجرد الاستطراد فقد كانت بطلة الرواية تريد ان تعرف عن تاريخ عمان ولماذا كانت هذه البلد تحديدا فيما مضى منطلقا لتجارة العبيد.

-ايضا هناك مأخذ عليك في الرواية انك اسقطت علمك على روايات والدتك ، فالافكار الكبيرة التي وردت على لسانها لم يكن من الممكن ان تأتي على لسان فتاة حظها من التعليم قليل؟
انا اعترف ان هناك تدخلات كثيرة مني في الرواية. هناك بعض الاحداث غير المترابطة اعدت صياغتها الى جانب صياغة بعض الالفاظ لسبب ان كل ما يقال بالعامية لا يمكن اسقاطه في الرواية.

-ايضا من المآخذ ان لغة الرواية لغة اكاديمية طغت فيها لغة الدكتور على لغة الاديب؟
لا اظن والدليل ان هناك صغارا دمعت عيونهم عند اخر فصول الرواية . ولا اظن وربما توافقني ان هناك اكاديميا يجعل اعين الناس تدمع.

-بدأت الرواية بالبكاء والمشهد الموثر عقب الزلزال الذي ضرب ديار صبا والدتك , لماذا بدأت بالبكاء؟
انا نقلت ما حدث فقد كانت تسعى لان لا تتذكر بلوشستان كثيرا لكن عندما حدث الزلزال الذي وقع صيف 2001 كان بمثابة الحدث الذي تجددت معه كل الذكريات.

-اذا فكرة الرواية تشكلت بعد هذا الزلزال ومع بكاء والدتك التي تذكرت الاهل والارض؟
نعم و هذا ماحدث.

-ما هو الدافع الذي دفع الامير سيف الاسلام للاتجاه للادب وكتابة الرواية؟
منذ الصغر لدي ميل للكتابة وكتبت مشاريع عدة لكنها لم تر النور. عندما كبرت فكرت بالكتابة واكتب الان في صحيفة عكاظ . ايضا قبل روايتي صدر لي كتاب اسمه " تنهيدة العرب الاخيرة " عبارة عن مقالات من ضمنها الحديث عن تاريخ الدولة الاسلامية في الاندلس وانهيارها.

-يلاحظ عليكم انتم الروائيين السعوديين انكم تبدأون نتاجكم الروائي بسيركم كما حدث معك في نقل سيرة والدتك او كما حدث مع القصيبي في شقة الحرية التي تحدث فيها عن جزء من حياته في مصر كما يقال او كما كان مع الدكتور تركي الحمد الذي تحدث كما يقال ايضا عن انتماءاته الفكرية في بداية شبابه؟
ما كتبته لم يكن سيرة ذاتية بل جزء من الذات لان فيها احداثا كثيرة متداخلة , وما طرح فيها يختلف عن طرح الاساتذة الافاضل القصيبي والحمد . انا اعتقد ان "قلب من بنقلان" اقرب للبوح وملامسة هموم النفس البشرية اكثر من السيرة.

-هناك من رأى ان هذه الرواية صرخة من سيف الاسلام للقول بان الأمراء أناس يتألمون ويحزنون ويفرحون وان ليس كل شيء متاح لهم؟
لامست بسؤالك الجرح , فالامراء ليس هم الناس الذين يولدون وفي افواههم ملاعق من ذهب, ليسوا هم الناس الذين يولدون وهم غير محرومين وكل شيء موفر لهم . بل هم اناس مثلهم مثل خلق الله عندهم امال, وطموحات ,وخيبات, يفرحون ويتألمون .

-دار الفارابي التي طبعت روايتك دار عرف عنها أنها طبعت كتب الشيوعيين واليساريين , هل للامير سيف الاسلام علاقة بهذه التوجهات ومن هذا توجه لطباعة روايته في هذا الدار ؟
عندما طبعت الرواية في هذه الدار لم يخطر في بالي هذا الذي تقوله كنت ابحث عن دار تطبع الكتاب وتوصلت مع دار الفارابي الى اتفاق وعلى ضوئه بدأت الطبعة. للاسف نحن مسكونون بالاسئلة فعندما يذهب كاتب للفارابي قالوا عنه شيوعي وعندما يذهب لدار الساقي قالوا ضد المملكة وعندما يذهب لدار رياض الريس قالوا له موقف من البلد. " والله اذا ودنا بطباعة كتاب ودخلنا في مثل هذه الاسئلة فلن ننتهي".

-روايتك رغم ما فيها من بوح ورغم قوة طرحها الا ان الاعلام السعودي تجاهلها تماما.. لماذا؟
هنا مربط الفرس , انا لا اعتب على من عاتبني من جهات لها علاقة بالاحداث , او لها ارتباط معين بتاريخ معين ورد في الرواية. انا اعتب على من يدعون للشفافية والانفتاح وحين نمارس ما يدعون له يتجاهلون ما نكتب . انا اعتب على نقادنا الذين لم يمروا على ذكر الرواية سوى بالسلب او الايجاب. للاسف ان هذه الرواية نقدت في معظم البلاد العربية وتقاعس نقادنا حتى عن الاشارة الى اسمها.

-لو نبتعد عن الرواية قليلا انت استاذ اجتماع ، بودي ان اسألك عن المجتمع السعودي.. لماذا بقي مجتمعا كل شخص فيه يحمل ثقافته القبلية او المناطقية ، لم يتمدن المجتمع على الرغم من حمل افراده للشهادات العليا , كل احتفظ بثقافته الاصلية . ألم يكن هناك خليط بين الثقافات تنتج مجتمعا جديدا؟
السبب هو تلك النوعيات من الثقافة الاولية وطرق التعليم ومخرجاته التقليدية.

بن بلوش
01-06-2006, 01:27 AM
كيف تنظر لدعاوى الليبراليين بانهم مهمشون في الوقت الذي اخذ الاسلاميون الدثور والاجور على الرغم من انهم سبب كل الفتن التي مرت بالبلد ابتداء بانشقاق الاخوان في السبلة وتمرد جهيمان العتيبي في الحرم وانتهاء بارهاب القاعدة؟
المملكة قامت على الاسلام والدعوة السلفية جزء من تركيبة البلد ولا يمكن مطالبة الدولة بمناقضة نفسها . انا اتمنى لهذا البلد السعيد بحكامه واهله وشعبه ان يكون بداية لانطلاق الاسلام المستنير الذي يذكرنا بعصر الرشيد والمأمون عندما كنا نرى الاتجاهات الفكرية المختلفة في بلاط الخلفاء تكتب وتتحدث عن الخلق والكون والساعة . لماذا لا نستقطب هذا الاندفاع السلفي في اتجاه طيب لمشروع وسطي تطرحه نخب مثقفة في الدولة وفي خارجها لنعمل مشروعا وسطيا يقينا شر الشرر المتطاير.

بالاضافة الى ذلك فانني اخالفك الرأي في اطلاق مصطلح "اسلاميون" على جماعات تسعى للهدم اكثر من سعيها للبناء. الاسلام دين عظيم بريء من كل ما يسبب الأذى والانشقاق , يجب ان نتوخى الحذر في انتقاء مصطلحاتنا واستخدامها.

-لكن ألا ترى ان المشروع الوسطي سيكون صعبا في ظل وجود تيارات كل منها يريد ضرب الاخر لا الحوار معه ؟
صحيح للاسف ، فيصعب طرح هذا المشروع في ظل وجود متشددين سواء اسلاميين او ليبراليين , لكن اعتقد في ظل وجود عقلاء من الطرفين سيكون هناك حوار وسيثمر ويؤدي لنتائج جيدة تصب في مصلحة الوطن وافراده.

-هل تعتقد ان هناك وجودا حقيقيا لليبرالية في السعودية؟
اظن ان هناك بداية مشروع تقية ليبرالية.

سيرة الأمير الدكتور سيف الإسلام بن سعود : ولد في الرياض عام 1956 حصل على بكالوريوس من جامعة الملك سعود في مجال الاذاعة والتلفزيون من قسم الاعلام وحصل على الماجستير في الدراسات الاجتماعية وتعتبر رسالته عن تعاطي المخدرات في بعض دول الخليج اول رسالة عن تعاطي المخدرات في السعودية ، و حصل عليها ايضا من جامعة الملك سعود كما حصل على الدكتواره في فلسفة الاعلان من جامعة القاهرة. عمل 19 عاما بوزارة الداخلية في مكتب وزير الداخلية بمسمى وظيفي باحث قضايا ثم مشرفا عاما على مكتب استعلامات الوزير. يعمل حاليا استاذ متعاون في جامعة الملك سعود بقسم الدراسات الاجتماعية بكلية الاداب. له كتابات اسبوعية بجريدة عكاظ وبعض المشاركات في بعض الصحف المحلية العربية في الشؤون السياسية والاجتماعية. له عدد من المؤلفات كما شارك في اعداد برامج اذاعية..


عن دار "الفارابي" ببيروت، صدرت العام الماضي "2004" رواية " قلب بن بنقلان " للدكتور سيف الإسلام بن سعود بن عبد العزيز آل سعود، وهي رواية يمكن أن تحتل من خريطة الأجناس الأدبية موقع رواية " السيرة الغيرية " أو " فن الترجمة " وفي عبارة مختصرة يمكننا أن نقول :" إنها ترجمة تستعين بالسيرة الذاتية، التي تكون بقلم صاحب السيرة أو على لسانه. غير أن دور المترجم في الرواية يأتي متسماً بكثير من الفاعلية من حيث تعليقاته الفكرية والسياسية والتاريخية.

وقبل الدخول إلى عالم الرواية الزاخر بالأحداث الجسام والأحزان والآلام والدموع، نود أن نتريث - قليلاً - أمام " عنوان " الرواية، وبنائها الفني، وما قد يوحيان به من دلالات فنية وإنسانية بالغة القيمة.

" عنوان " النص هو أول ما يصافح عين القارئ، وهو الإشارة الأولى التي يرسلها العمل الأدبي إلى متلقيه، ومن ثم فهو يعد عتبة دلالية يلج من خلالها المتلقي إلى نسيج النص وروحه.

وقد صاغ مؤلف الرواية، الدكتور سيف الإسلام، عنوان روايته من دوالّ ثلاثة : " قلب " ( والمقصود به هو بطلة الرواية نفسها ) وهو " خبر " توارى مبتدؤه، متنازلاً عن مكان الصدارة لحساب هذا " الخبر " : لأنه هنا هو الأهم. وحرف الجر " من "، و" بنقلان " ( وهو علم على مكان في بلوشستان بأرض إيران، الموطن الأصلي لبطلة الرواية) والقطبان المتجاذبان - بقوة النزوع والحنين - في العنوان هما : " قلب " و" بنقلان " أما حرف الجر فلا تكاد تعدو وظيفته إثبات صلة النسب بين الطرفين اللذين ينزع كل منهما إلى الاندماج في الآخر وتحقيق الاكتمال به.

ولأمر، ليست تخفى دلالته الفنية، اختار مبدع الرواية أن يصوغ عنوان عمله الأدبي في أسلوب المجاز المرسل، الذي علاقته " الجزئية " من خلال إطلاق الدالّ " قلب " مريداً به التعبير عن الشخصية الروائية الأساسية وهي " الأم "، فالقلب هو مجتمع المشاعر الإنسانية كلها : الحب والبغض، والأحزان والمسرات، الحنين والاشتياق .. الخ ، ووضعه في مستهل عنوان الرواية، لمما يَعدُ القارئ بكسب وجداني ثريّ يغني روحه ومشاعره.

أما الهيكل البنيوي لرواية " قلب من بنقلان" فقد قسمه مؤلف الرواية إلى ثمانية فصول: -
- الفصل الأول .. الخميس : عندما بكت !!!
- الفصل الثاني .. الجمعة : عندما باحت !!
- الفصل الثالث .. السبت : نحو المجهول !!
- الفصل الرابع .. الأحد : في اليم ّ!!
- الفصل الخامس .. الاثنين : قريباً .. من القصور !!
- الفصل السادس .. الثلاثاء : إلى حيث السعوديون
- الفصل السابع .. الأربعاء : أمة و... ملك
- الفصل الثامن أغنية للماضي



والذي يبدو، عند النظرة الأولى، على هذا الهيكل الذي تتجسم فيه الرواية، هو أن الفصل الثامن منها، لم يسبق باسم أحد أيام الأسبوع مثل الفصول التي سبقته فهو - إذن - وعلى نحو ما، لا يعد داخلاً في بنية الرواية بشكل أساسي، إذ لم يتعد وجوده أن يكون بمثابة تعليق مركز، شاج وحزين على مجمل أحداث الرواية، من خلال المقطع الآسيان من تلك الأغنية التي ختمت بها الرواية، ومن أجل ذلك كان هذا التعليق بالغ التأثير في نفس القارئ، وآخر ما يمكن أن يسقط من ذاكرته.

ولكن مهلاً ! إذ ما الذي - الآن - نبتغي من وراء استبعاد الفصل الثامن من هيكل الرواية البنائي، ليصبح هذا الهيكل مقصوراً على " سبعة " أيام أو فصول فقط ما الدلالة الفنية المستخلصة من هذا التقسيم " اليومي " السُّباعي " لجسد رواية " قلب من بنقلان " ؟

أغلب الظن - وأرجو ألا أكون قد أخطأت التأويل - أن مؤلف الرواية، الدكتور سيف الإسلام بن سعود، أراد أن يجعل من هذا البناء الروائي مصغراً رمزياً لحياة بطلة روايته، أو ليست حياة الإنسان تكراراً لهذه الأيام السبعة ؟

ومما يلاحظ على بناء الرواية تماسكه وتسلسله المنطقي - إلى حد بعيد .. والنظرة الفاحصة في فلسفة هذا التقسيم المتنامي تثبت ذلك بجلاء، فحدث "البكاء"، وهو مفتتح بناء الرواية، يمثل ذروة جيشان المشاعر الإنسانية، ونقطة انكسارها في الوقت نفسه، ومن ثم فهو يهيئ لـ " البوح" منطلقاً، وعندما يتحرر البوح من عقاله، فإن لحظة اختطاف بطلة الرواية تحتل منه البؤرة المركزية، فلحظة الاختطاف هي أول خطوة " نحو المجهول وأول طريق المجهول هو " اليم " ( وهل هناك مجهول أشد رعباً من البحر بظلامه المتراكب واصطخاب أمواجه ؟)، و"قريباً من القصور" تبدأ أولى بشائر حياة الاستقرار" وهو استقرار في المظاهر المادية فقط، أما روح البطلة فستظل مغتربة وقلقة في نزوعها نحو موطنها الأصلي في بلوشستان" إذ تنزل البطلة / الأم " .. إلى حيث السعوديون"، لتبدأ حياة حافلة بالأحداث تعيشها " أمة و... ملك " يكون الملك فيها هو صانع التاريخ، والأمة هي شاهد العيان القريب عليه.

تسير أحداث الرواية - كما قدر لها مؤلفها - في خطين أساسيين هما : التاريخ الشخصي لبطلة الرواية، والتاريخ الداخلي المسكوت عنه للمملكة العربية السعودية، ومن تضافر هذين الخطين يتشكل نسيج الرواية، ولا شك أن أقوى الخطين وأوضحهما هو الخط الأول.

وسوف يتم - هنا- من خلال منظور اصطفائي، تناول بعض أحداث هذين الخطين، في قطاع طولي، ولا ينبغي أن يتوقع من هذا التناول أن يلخص الرواية أو يختزلها، ففي هذا المسلك إزهاق لروح العمل الفني، بقدر ما تكون القراءة إحياء له، وإنما هو الوقوف أمام بعض البنى الدالة، والبؤر المشعة بالمعاني الإنسانية الكبرى في الرواية.

ولتكن البداية بخط البطلة الأم ورحلة تغريبتها المأساوية الممضة، التي يأتي على لسانها :
"- بدأ كلي شيء بحلم .. بكابوس مخيف مزعج .. حل يأتيني كل ليلة .. ليشعرني بأنني محاطة بالأشرار القاتلين .. الخاطفين .. وليشعرني بأنني موعودة .. بالاغتراب " ( الرواية ص 20).



و" الحلم " هو إحدى التقنيات الروائية المعروفة، وعلى التحديد هو إحدى آليات رواية " تيار الوعي " ووظيفته - هنا في روايتنا- تتمثل في كونه نوعاً من الإلهام الذي يسبق الحوادث الكبرى، ويمهد نفسياً لوقوعها. ولنتأمل آخر عبارة وردت في المقتبس السابق وهي :" موعودة بالاغتراب " وما فيها من الجبرية القدرية، والاستسلام، في إشارة إلى ما استقر في الوجدان الشعبي من أن " المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين " وسيرد في ثنايا الرواية بعد ذلك على لسان البطلة، ما يضاد هذه النزعة القدرية : مما يشي بنزعة علمانية مادية صرف، وهذا التناقض في وعي الشخصية الروائية، المسئول عنه المؤلف وحده.

بن بلوش
01-06-2006, 01:33 AM
حادث خطف بطلة الرواية، يعد الحدث الأساسي، بل النواة الصلبة للمأساة التي ستوضع الأم أتونها، وفوق ذلك فإن هذا المشهد يحوي دلالة اجتماعية هامة، إذ يلقي الضوء على الفجوة الطبقية الرهيبة التي سممت جو العلاقات بين أبناء إقليم بلوشستان، وهذا الفجوة السحيقة هي المسئولة عن عمليات الخطف الانتقامية التي كان يقوم بها أبناء الطبقات المغبونة ضد الأغنياء المستغلين المتسلطين، ولأهمية هذا المشهد الروائي نورده تاما ً:" إنهم " الشاكيرس " و" الجاتس " أفراد الطبقات السفلي في المجتمع البلوشي، الذين لم يجدوا طريقاً لإثبات ذواتهم في مجتمع طبقي محافظ معزول غير طريق سرقة الصغار والصغيرات، أبناء وبنات الطبقات العليا في مجتمعهم : انتقاماً من العزلة الإجبارية والنظرة الدونية التي يُنظر بها لهؤلاء المسحوقين وأمثالهم من مجاميع الطبقات المحرومة، والخازنون - عادة - مقادير عظيمة من الغيظ والحقد في نفوسهم تجاه الأغنياء، ملاك الإقطاعات الكبيرة .. أهل الاستعلاء والاستقواء !". ( الرواية ص39).

ورحلة عبودية البطلة - زاخرة بالأهوال، ومن أهم المشاهد فيها هو مشهد العاصفة النارية التي هبت على السفينة التي تقل الأطفال مشاريع العبودية، وهذا المشهد يذكرنا، من بعض الوجوه بمشهد العاصفة في مأساة " الملك لير " لوليم شكسبير، إذ من الممكن أن تكون العاصفة هنا - كما هي هناك - المعادل الموضوعي لما يعتمل في نفوس الخاطفين من نوازع الطمع والشره، ثم لما يعتمل في نفوس المخطوفين من نيران الحق والغضب على هؤلاء الخاطفين، كما يمكن تفسير هذه العاصفة على إنها غضبة احتجاجية من الطبيعة على مسلك الإنسان عندما يسعى إلى استعباد أخيه الإنسان:

إنها العاصفة .. إحدى الصواعق، والتي ضربت زاوية من زوايا سطح السفينة، أشعلت في يوم النحس ذاك، حريقاً كبيراً، مما دفع جميع الرجال و" بعض " النسوة للإسراع إلى حيث مكان الحريق في محاولة لإطفاء اللهب المستعر والذي يهدد حقيقة، السفينة ومن عليها، مدفوعاً بالرياح الجنوبية الغربية الحبلى بالصواعق .." ( الرواية ص 97).

وتظل فتاة بنقلان تنتقل " من أسر إلى أسر، ومن انكسارات عبودية لها صفات معينة، إلى خيبات عبودية أخرى، تبقى مضامينها لا تتغير، مهما كستها الأيام من حرير المظاهر، وجواهر الدعة والترف". (الرواية ص233). وهذه المشاهد السالفة فيها الدلالة الكافية على ما يرد مثلها على امتداد الرواية، لذا فسنكتفي بها، تجسيماً لهذا الخط الشخصي لمسيرة بطلة الرواية.



أما الخط الثاني، وهو خط التاريخ الداخلي المسكوت عنه للعربية السعودية فإن بطلة الرواية ومؤلفها يتناوبان سرده. يقول مسجل أحداث الرواية :" لم أكن أرغب منذ البداية، في أن أجعل من والدتي مجرد ساردة للقصص أو " حكواتية " مسلية، كنت أرغب في أن أجعلها شاهدة على عصر مثير انقضى، وإن برؤية ذاتية ضيفة للأحداث .." "( الرواية ، 47)، وفي كثير من هذا السرد التاريخي يستخدم المؤلف بطلة الرواية كقناع يتخفى هو خلفه ليبث رؤيته التاريخية وتأملاته الفلسفية والحضارية.

ومعظم هذا التاريخ المشار إليه، يتركز في الفصل السابع من الرواية وهو أطول فصول الرواية قاطبة، بل إنه ليكاد يشكل - منفرداً - أكثر من نصف الرواية. وحشد الأحداث التاريخية والتوثيقية في هذا الفصل قد وسمه بالجفاف نوعاً ما، فقد شحبت منه أحداث فتاة بنقلان شحوباً قوياً، وحل محلها أحداث تاريخية ونقاشات مذهبية وعلاقات دولية وأحوال حضارية، مما يهدد بشطر الرواية إلى شطرين منفصلين ولسنا نأمن على أنفسنا الغرق إن نحن رحنا نتخير -على سبيل التمثيل- من بين أحداث هذا الفصل المتضخم، فكل الأحداث، أو جلها، مهم ّ: لذا فسنتجنب هذه الدهاليز التاريخية لقارئ الرواية الخبير بهذه المسالك.

وبعد، فلقد استطاع مؤلف الرواية أن يبرز من خلال روايته، مجموعة من المعاني الكلية. وفي مقدمة هذه المعاني : " الوفاء"، الذي يستخدم الدكتور سيف وسيلة لإبرازه، وهي مداومة " التضئيل " من ذاته أمام الأم، ويعتنق في المقابل النزعة التبجيلية تجاه والدته، تبدو فضيلة "الوفاء" أيضاً من خلال محاولة كاتب الرواية كتابة تاريخ ينصف فيه والده، الذي يرى انه مغدور ومغبون، أما عن وفاء صاحبة السيرة الذاتية لوطنها الأصلي، ولوطنها الطارئ الجديد، ولسيدها وزوجها سعود، فهذا ينسحب على الرواية كلها.

ومن المعاني الكلية التي حفلت بها الرواية أيضاً : الزهد - الروحانية والتعفف، وكلها صفات تتجه ناحية الأم / بطلة الرواية مباشرة.

مما يحسب ضمن نجاحات الكاتب في هذه الرواية، طرافة الموضوع الذي تتمحور حوله أحداث الرواية وهو " العبودية " وما تتركه من أثر في صفحة النفس الإنسانية المحترقة المعذبة، وكون من عانت مشاهد هذه التجربة الإنسانية القاسية هي أم مؤلف الرواية، أكسبها بعداً إنسانياً فريداً، كما أكسبها صدقاً وعمقاً.

ولكن يؤخذ على مؤلف الرواية أنه أسقط وعيه على وعي بطلة روايته، فالأفكار الموضوعة على لسانها يصعب - فنياً - أن تأتي من شخصية في مثل مكانها ومكانتها، لضآلة حظها من التعليم، وضيق المحيط الاجتماعي والثقافي الذي عاشت فيه " لم يتعد حريم القصر من مثيلاتها "، مما يلقي غباراً على البناء الداخلي للشخصية المحورية في الرواية، فهل من المعقول أن يرد على لسان البطلة الأمية مصطلحات وافدة من حقول معرفية مثل: علم الكلام والفلسفة الإسلامية، وحقل الأنثروبولوجيا، والفلسفة الوجودية، وعلم الأخلاق وعلم السياسة تلك عينة منها : فضاءات، العقل الجمعي، النخب العربية ....؟ فهذه صورة من عالم المؤلف لا عالم الساردة. ومن الممكن أن يقال : إن نواة هذا الكلام قد ترد على لسان البطلة الأم.

والجواب : نعم ولكن المؤلف يكون حينئذ قد وضع هذه الإشارات المتواضعة على آلة شد ّ النصوص، لتعذيبها واستنطاقها بما لم تقل وما لا يمكن أن تقول - انظر دليلا على ذلك الرواية " ص: 308، 341، 343 " على سبيل التمثيل فقط وليس الحصر.



أما عن " لغة الرواية " فإن الجملة الروائية للمؤلف، طويلة طولاً مبالغاً فيه بحيث تستغرق الأسطر الطوال، وأحياناً تتجاوز الفقرة الطويلة، فهي محشوة بالاستطرادات المؤدية إلى ترهل اللغة الفنية، ومكمن الخطورة في هذه السمة التركيبية هو أنها تؤدي إلى تشتت ذهن القارئ وسأمه وملله ويأسه من الوصول إلى المعنى الذي يبتغيه، وكنا - كقارئين - نأمل بدلاً من ذلك جملة قصيرة، مركزة، رشيقة كالجواد العربي الأصيل - تنطلق بالقارئ أو ينطلق بها سابحاً في فضاء النصر الروائي.

يغلب على لغة المؤلف - أيضاً - الطابع الأكاديمي الجاف، وكان المأمول والمتوقع لغة فنية تسري في مفاصلها مياه الفن فتحميها من التيبس والجفاف.

على أن لغة مبدع الرواية لم تعدم النفحة الفنية تماماً وإن كانت قليلة، ولكنها على قلتها ذكية وموفقة. ونورد على ذلك بعض الأمثلة : التشبيه الذي يرد على لسان البطلة في قولها :" .. سفينتنا كانت تتأرجح كأنها لعبة صغيرة، ضاق كبير المنزل بوجودها المزعجة، فراحت يداه تتلاعب بها بشدة قبل أن يقذف بها إلى مكان مجهول " ( الرواية من 100) فهذه صورة موحية وذات بعد رمزي، وهي تشير من طرف خفي إلى المصير المتأرجح المجهول الذي ينتظر راكبي السفينة ومعهم الفتاة البنقلانية، هذا المصير الذي غدا كلعبة في يد القدر، كبير العائلة الإنسانية، وهي صورة كشفت عن المحتوى النفسي المضطرب للبطلة الطفلة.

ومن الأمثلة على لغة المؤلف الفنية تلك الاستعارة التي كشفت عن تفاصيل الخريطة النفسية المضطربة للمؤلف. وذلك في قوله ك :" وبدون أنت تنتظر إجاباتي، التي كنت أنوي - وأنا أعاقر الغم - البحث عن أجزائها المبعثرة .." ( الرواية ص 276)، والاستعارة هي الجملة الاعتراضية :" - أعاقر الغم - " وقد أفلحت في نقل الجو النفسي من خلال تجسيم الغم في صورة مادية وهي الشراب، والشراب هنا هو "الخمر" المنفردة بطعمها ورائحتها وحرمتها الدينية المغلظة، دل على ذلك اللفظ : " أعاقر " الذي يذكر دائماً مع الخمر، وهو ما زاد من تأثير تلك الصورة في النفس.

ثمة - أخيراً - بعض التراكيب التي تدل على حسب فني شعري لدى مؤلف " قلب من بنقلان " وهي في قوله :" أتذكر أنني قلت شيئاً من هذا. وأتذكر أنا الآن هذا الشيء مع ضبابية استحضاري له فللأعمار- والدتي - كما تعرفين .. أحكام !" ( الرواية ، 212).

والمعني من هذا المقتطف هو عبارة :" فللأعمار - ولادتي - كما تعرفين ..أحكام " فهي تكاد تكون موزونة شعرياً، ولو آجرينا عليها تعديلاً طفيفاً فجعلنا كلمة " تدرين " بدلاً من : " تعرفين " لاستقامت لنا أربع تفاعيل شعرية تامة هي : مفاعلتن ، مفاعلتن ، مفاعلتن ، مفاعلتن، وهي من بحر الوافر. من تلك التراكيب - كذلك - ما يدل على ثقافة المؤلف الشعرية هذه المرة قوله :

" ولان لكل تسوية ضحايا، جاء الإنقاذ المنتظر للدولة السعودية في أوساط الستينيات، على حساب غريب اليد واللسان العربي المنفي في أثينا !!" والجملة التي نريد أن نقف أمامها هي عبارة : " غريب اليد واللسان العربي "، لان المؤلف يتناص من خلالها مع قول أبى الطيب المتنبي :

مغاني الشِِّعب طيباً في المغاني
بمنزلة الربيع من الزمانِ
ولكن الفتى العربي فيها
غريب الوجه واليد واللسان
ِ
وقد أفلح المؤلف من خلال هذا التناص الواعي في استحضار حالة الاغتراب التي كان يحياها والده الملك سعود بن عبد العزيز في بلاد اليونان

قلب من بنقلان عنوان لرواية كتبها سيف الاسلام بن سعود بن عبد العزيز نجل الملك المخلوع سعود. ظهرت هذه الرواية فجأة في بيروت عام 2004 عن دار الفارابي للنشر ومن ثم اختفت بصورة سريعة بعد ان سحبت من الاسواق والمكتبات


تحياتي للجميع

يـآس
01-06-2006, 01:36 AM
ااااااااااااااالله مو

بن بلوش
01-06-2006, 01:37 AM
تعتبر هذه الرواية والتي تخلط بين القصة والتاريخ فريدة من نوعها اذ ان كاتبها يستعرض احداثا ووقائع تبتعد عن السرد التاريخي العام ويلجأ الي تصوير المعاناة الشخصية لوالدته، الطفلة البلوشية التي وقعت بيد من يتاجر بالبشر ويبيعهم لجده الملك عبد العزيز والمعاناة الشخصية لامرأة مسلمة حرة تحولت الي جارية ومن ثم ام لطفل من ضمن مجموعة تضم اكثر من مئة ابن وابنة من امهات متعددات، بعضهن جاريات واخريات من بنات البلد. كذلك هذه القصة التاريخية تتعاطي مع احداث حصلت بين اخوة يتصارعون علي الحكم يطحنون بعضهم البعض لتصفية حسابات واعادة توزيع الثروات. هي قصة قصور مهجورة واخري مشيدة. هي كذلك قصة تسطر حلقات ظلم ذوي القربي وكذلك قصة عزيز قوم ذل. اهم حلقاتها تلك العلاقة بين الام وابنها وهي بالفعل علاقة حميمة خاصة عند غياب الاب وهو قريب، هي رحلة لاكتشاف الماضي من اجل محاسبة الحاضر. سطورها تسطر علاقة امة بملك، وجلاد بضحية، وزوج بزوجته ضمن اطار سياسي تجرد من كل قيمة انسانية ودينية وشرعية ففقد كل ضابط اخلاقي.

رغم ان هذه الرواية تتبع الاسلوب القصصي الا انها اولا واخيرا محاولة لصياغة ذكري والد الكاتب هذه الذكري التي طمسها استيلاء الملك فيصل علي الحكم وتجريد نسل سعود من صلاحياتهم والتي ضمنها والدهم عندما كان ملكا. انها محاولة متأخرة لاعادة كتابة التاريخ وفق سرد تاريخي لاحداث عتم عليها طاقم كبير من المؤرخين الذين لزموا الصمت تجاه هذه المرحلة التاريخية الحرجة والتي انفجر فيها الصراع علي السلطة بين الملك سعود وبعض اخوته وولي العهد فيصل واخوته.

من كتب تاريخ هذه الحقبة كان دوما حريصا علي تكريس صورتين متناقضتين لشخصيتين من الامراء السعوديين. الاولي صورة الملك سعود والاخري صورة الملك فيصل. الصورة الاولي كتبتها اقلام وابواق المنتصر في معركة الصراع علي السلطة لذلك كانت دوما صورة قبيحة سوداوية اختلطت فيها الاسطورة والواقع بالمؤامرة والسرية وبناء القصور الفاخرة وتبذير الاموال في الداخل وصرفها علي مؤامرات في الخارج. لا أحد يتوقع ان تكون صورة الملك المخلوع بهذه البشاعة والقبح ولكن فضل الملك المنتصر ان تطمس هذه الحقبة التاريخية ويتم الغاؤها من الذاكرة التاريخية وازالتها من الوعي الجماعي. اختلطت هذه الصورة باحصائيات تظهر مدي نهب الخزينة العامة لدرجة انها افرغت من محتواها بل تراكمت عليها الديون منذرة بانحدار قوي ومزلق عميق يقض مضاجع الجميع وينذر بالعدم. عند هذه اللحظة تطل الصورة التاريخية الاخري، صورة المنقذ الحكيم المصلح المثبت لدعائم الدولة والمؤسسات هي صورة الملك الزاهد يركع فاتحا كفيه يدعو الله ان يمن عليه بصلاة في القدس بعد تحريرها من مغتصبيها. صورة المصلح هذا تختلط بصورة المحدث المعلم الذي انتشل نساء الجزيرة من امية معممة علي الجميع وعلمهن الحروف الابجدية رغم معارضة عاتية من قوي التخلف و الغلو هو ايضا من طوع التكنولوجيا الحديثة لخدمة الاسلام فأدخل التلفاز الي مجتمع منغلق يكره كل ما هو غريب ويصفه بأنه بدعة مخلة بالدين والعقيدة. استعمل التلفاز عندها للدعوة والارشاد وتصدرت برامج الفتاوي علي الهواء منذ الستينات الشاشات ليتعلم الناس دينهم وطقوسهم فتبلورت المعرفة وانتشر دعم الاسلام وبركته علي الجميع.

هاتان الصورتان ليستا من نسج الخيال او من انتاج مخيلة خصبة بل هما حاضرتان في المخيلة التاريخية. هذه المخيلة لطالما تعرضت لعملية صياغة واعادة صياغة من قبل الصورة المنتصرة. سيف الاسلام بروايته هذه يحاول اعادة بعض الاعتبار لوالده الملك المخلوع الذي قضي ايامه الاخيرة بعيدا عن قصره في الناصرية ولجأ الي اليونان بعد ان مارس الاخوة الاعداء الضغط علي دول الجوار العربية لمنع استقبال الملك الراحل.

يحاول سيف الاسلام ليس من خلال وثائق تاريخية او مقولات ماضية او خطابات وشهادات من عاصر هذه الحقبة بل من خلال القصة اعادة صياغة حياة والده مبتدئا بتجربة والدته البلوشية في قصر الملك المخلوع وتجربته كطفل لم يعرف معني الابوة الحقيقية ولم يعش حياة اسرية طبيعية اذ انه واحد من مجموعة كبيرة رقم آخر يضاف الي احصائية ديموغرافية كغيره من احفاد وابناء المؤسس الملك عبد العزيز، بفقدان رابطة الابوة لم يبق للطفل سوي اقوي الروابط الا وهي رابطــة الام وابنها.

يستعرض سيف الاسلام هذه العلاقة التي تغلب عليها علاقة المحبة والحنين عكس العلاقات الاخري التي طغت علي العلاقات الاسرية بين اخوة يتصارعون فيما بينهم جمعتهم روابط ابوية واهية ووحدتهم روابط الامومة. الحنين الي بلوشستان ما هو الا حنين لهذه الامومة. بلوشستان هي الام، هي الحاضنة الاولي في زمن الغربة. القصة عودة للماضي الذي يفضل ان لا يعود والذي طمسته عمليات تزوير التاريخ وكتابته من قبل المأجور المطبل لذلك الذي يدفع الاجر.

لو كتبت مثل هذه القصة جين ساسون الكاتبة التي بنت ثروة علي خلفية قصص تزعم انها تتداول حياة اميرات سعوديات في قصور شامخة لتجاهلناها. ولكن هذه القصة كانت قد كتبت من قبل شخص من الداخل وليس من الداخل. امير وليس كالامراء اذ ان الطبقية والاضطراب في توزيع الثروة وانعدام العدالة الاجتماعية و الاقصائية و عدم القبول بالآخر تصيب الامراء وابناء الاسرة الواحدة في نظام كالنظام السعودي فهذه الآفات الاجتماعية والسياسية ليست حكرا علي الشعب بل هي تصيب رأس الهرم كما تصيب ذوي الاصول الوضيعة واصحاب الدخل المحدود.

الامراء درجات منهم من يعتلي الدرجة الاولي ومنهم من يعتلي درجة ثانية ومنهم من لا يعترف بأمارته مطلقا منهم ابن القبيلية الحرة ومنهم ابن الحضرية ومنهم ابن البدوية ومنهم ابن الكرجية ومنهم الابيض، ومنهم الاسود ومنهم من يتعدي نسبه لجهة الام الحدود المعترف بها دوليا فهناك ابن اللبنانية وابن النصيرية وابن الارمنية الي ما هنالك من جنسيات وطوائف.

ادي هذا التشعب الي ولادة مجموعة هي بالفعل كوزموبوليتان تنصهر فيها الاجناس والاعراق دون ان تذوب فيها العنصرية. دليلنا علي هذا هو رواية سيف الاسلام بن سعود ذاتها.

يتعاطي المؤلف مع ظاهرة وان وجدت في المجتمع السعودي الا انها كانت تتبلور بقوة في قصور الناصرية وغيرها من قصور الامراء. معضلة تعدد الزوجات (هنا لا نتكلم عن اربع فقط) بل نحن بصدد اعداد هائلة من جوار جاءت من بقاع العالم كبلوشستان وغيره. فرغم ان الشرع قد حلل الرقم اربعة تحت ضوابط معروفة للجميع الا ان ما يصفه سيف الاسلام يتجاوز كل معيار وضابط.

هل يا تري هذا النمط طبيعي علي صعيد المجتمع في تلك الحقبة ام انه مرتبط بالملك والثروة والصولجان؟

جميع الدراسات الاجتماعية التاريخية تشير الي ظاهرة تعدد الزوجات علي كافة اصعدة المجتمع في الماضي والحاضر وكذلك ظهرت عادات التسري خاصة عند الطبقات ذات الشأن والمال اذ ان انتشارها كان مرتبطا بقدرة المرء علي شراء جارية او جوار. من هنا يجب ان لاتقارن تجربة الملوك بتجارب المجتمع رغم ان هؤلاء قد يكرسون نمطا سلوكيا معينا يظنه البعض النمط الطبيعي الممارس من قبل الجميع. يجب ان ننظر لمشكلة سيف الاسلام مع هذا النمط من العلاقات الاسرية من منظور آخر. زيجات والده وجده وأعمامه لا تفسر علي انها مشاريع شخصية خاضعة لأهواء الفرد وقدرته الشرائية بل يجب ان تناقش مثل هذا السلوك الشخصي من باب السوسيولوجيا السياسية.

من فسر تعدد الزوجات علي مستوي القيادة علي انه محاولة لصهر هذه القيادة مع المجتمع فهو مخطيء. كذلك من فسرها علي انها محاولة لمد جسور من الاحلاف والتحالفات مع قوي اجتماعية مختلفة (كالقبيلة والبدو والحاضرة والمناطق) هو ايضا مخطيء اذ هذا لا يفسر الزيجات من الجواري. فهل كان يا تري الملك سعود يرغب بحلف مع بلوشستان او كان والده يطمح بحلف مع الارمن في ارمينيا؟ بالطبع لا. كذلك لا يمكن تفسير هذه الزيجات المتعددة علي انها نابعة من نفوس شبقة شهوانية رغم ان هناك مصداقية لمثل هذا التحليل.

زيجات القيادة السعودية كانت استراتيجية سياسية خاصة تلك الزيجات مع بنات الجزيرة العربية. هدف هذه الاستراتيجية اخضاع المجتمع من خلال بناته لسلطة كانت في طور التبلور. تمت معظم هذه الزيجات بعد ان اخضعت كل قبيلة وعائلة لسلطة جديدة فكانت كل زيجة تختتم فتحا مبينا يتم الاحتفال به من خلال اخضاع نساء المجموعة للفاتح.

اتسمت هذه الزيجات بطابع يخلو من مؤهلات الزيجات الطبيعية اذ انها بمجملها زيجات سياسية بحتة. اما الزيجات من الجواري فليس له تفسير الا انه هروب من العقم العاطفي الذي سيطر علي النوع الاول والقحط النفسي الذي لازم الزيجات السياسية فارتمي الملوك وابناؤهم في احضان الغريبة الآتية من بعيد ولكنها قريبة. ودون ان نخوض في تفاصيل اخري ذكرها مؤلف الرواية نستنتج استنتاجات تسلط الضوء علي السلوك الفردي الذي قامت عليه دولة.

كتبت هذه الرواية ليس من باب ثورة الابناء علي الآباء ولكنها سطرت من باب ثورة الابناء علي الاعمام يحاول سيف الاسلام انصاف والده ولكن محاولته هذه خنقت بعد فترة قصيرة جدا من خروجها الي النور. تبقي هذه الرواية تفضح اسرار القصور وتدون سيرة الحريم خلال فترة حرجة تحتاج الي تدقيق وتمحيص علميين لتعاد كتابة تاريخها ليس من قبل المشوهة سمعته وليس من قبل المحسنة صورته.

هذه الحقبة التاريخية كتاريخ الجزيرة العربية كله يحتاج الي عملية اعادة النظر. هذه العملية تبدو مستحيلة في الوقت الحالي خاصة بعد سيطرة النظام علي مراكز البحوث والنشر ليس فقط في الداخل بل حتي في الخارج ايضا. هذه السيطرة شملت حتي المصادر التاريخية والمراسلات الموجودة في الخارج والتي تشتريها الدولة السعودية من مصادرها في محاولة السيطرة عليها وتنقيحها ومن ثم اخراجها علي الملأ بصورة تناسب الخطاب الرسمي. لم يبق للمؤرخين سوي بعض المصادر التاريخية في ارشيف الدول الغربية كبريطانيا وامريكا وفرنسا فعليهم الاطلاع عليها قبل ان تشتريها الاموال السعودية. كذلك عليهم بتقصي المرويات الشفوية ممن عاصر هذه الحقبة التاريخية المهمة في داخل المملكة وخارجها. وهذا ليس بمشروع يخص ابناء الجزيرة فحسب وانما يخص غيرهم من العرب الذين عايشوا هذه المرحلة وخاصة في الستينات من القرن الماضي.

هذا المشروع قد يخرجنا من مأزق الصورتين المتناقضتين التي روجها الاعلام ووثقها المؤرخون بقراءة منحازة للمصادر التاريخية. كذلك سنخرج من مأزق منظورة الابيض والاسود وربما نفيق من غفوتنا ونري لونا رماديا اقرب الي الواقع التاريخي، خاصة واننا علي عتبة حقبة قادمة قد تعيد الي الذاكرة الصراعات القديمة وتعود الصور المتضادة والمتنافرة والتي هي في واقعها وجهان لعملة واحدة. نحو اليوم نقف امام مرآة تعكس وجوها مختلفة الملامح والتفاصيل لكنها مظاهر خداعة وبريق مزيف لمعدن قد اصابه الصدأ. ولا تحزن يا قلبا من بنقلان فقد اثبت اهل بلوشستان رجولة حقيقية بدون قطرة نفط..

يـآس
01-06-2006, 01:37 AM
ااااااااااااااالله موضوع شيق للغااااااايه .. برد بإذن الله وبقراااه ولي رد غير هذا باذنه تعالى
تسلم اخويه على الطرح الممتاز

بن بلوش
01-06-2006, 01:42 AM
نعم انه شيق اخي الكريم

اتمنى ان تعود وتقرأ

ولك مني جزيل الشكر ولقد اعجبني كلام الامير كثيرا عن الرواية

وخاصة آخر سطر

عيناويه وافتخر
01-06-2006, 01:49 AM
اثبت اهل بلوشستان رجولة حقيقية بدون قطرة نفط..

تسلم اخوووووووووووي ع المووضووع

بن بلوش
01-06-2006, 10:01 AM
الله يسلمج من الشر اختي

مشكووووووووووووووووووووووورة على ردج

رمش الغلا81
01-06-2006, 10:08 AM
الله الله على الموضوع الرائع يا بن بلوش
وتسلم الله يعطيك العافيه
لا تحرومنا من اليديد نحن في الانتظار


سلااااااااااااااااااااامي لك
اختك الصغيره
رمش الغلا81

بن بلوش
02-06-2006, 12:31 PM
رمش الغلا

الله الله على ردج اختي

يعطيج العافية ومشكوووووورة

تـلـوبـح الـراشــــــدي
02-06-2006, 03:01 PM
ياسلام ع الموضوع خيووو
وربي يعطيك الف عافيه خيوو

عاشقة البداوه
02-06-2006, 03:05 PM
قصه ولا في الخيال من اروع القصص التي قرأتها من عنوانها شدتني الى قرائتها

اندمجت في الاحداث .........

بس اريد اسأل أذا موجوده القصه الصراحه عجبتني واريد اقراها

وين احصلها يبيعونها في المكتبات ؟؟؟

تسلم بن بلوش عالقصه الروعه ويعطيك العافيه ........

بن بلوش
02-06-2006, 03:18 PM
تلوبح الراشدي

الله يسلمك يالغالي ويعطيك العافية على ردك

عاشقة البداوة

الله يعطيج العافية اختي هي قصة ورواية منعوها

عن النشر ، لكن انا عندي نسخه بحاول اصورها

وان شاء الله توصلج بأي طريقة

العفوووووو ومشكورين على ردودكم الرائعه

عاشقة البداوه
03-06-2006, 12:52 AM
تسلم بن بلوش

أذا قدرت تطبعها اكون شاكره

واذا ما قدرت على راحتك

ما بعبل عليك

والف شكر لك

بن بلوش
03-06-2006, 08:34 AM
اكيد بصورها لكن النسة عند واحد من الربع

بس يخلص منها ان شاء الله بتوصلج بأي طريقة باذن الله

عاشقة البداوه
03-06-2006, 03:11 PM
تسلم بن بلوش واسمحلنا اذا عبلنا عليك .........

يعطيك العافيه .........