تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحب في الله



مالك الحزين
09-03-2006, 09:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

و في طريق القلوب المتحابة في الله تعالى تشتد العواطف بين البعض حتى تستبد بهم فيتلازموا تلازم الظل، و هذا شعور طيب، و لكنه أحياناً يوصف باستبداد الحب و أحياناً يصل إلى الانطوائية التي تصل إلى الانعزالية، إذا لم يحسن إخوانهم التوجيه بالصبر و الحب و اللين.

و التفريط في هذه القلوب تقصير بل جريمة لا تغتفر. فأين لنا مثل هذه القلوب الذواقة المشتاقة في دنيا البلادة و الجمود و الجحود؟!

و لأن الحب روح تنطلق و لا تقيَّد فالتلازم المستمر بين فردين يكيف السلوك الفكري و الحركي، و تتجانس بينهما الأخلاق و الطبائع حين تترسب العواطف و المشاعر و المعاني في إناء واحد. النحلة لا تأخذ رحيقها من زهرة واحدة بل إنها تنتقل بين الأزهار و الثمار تمتص الرحيق على اختلاف منابعه و عناصره و أذواقه لتعطينا شهداً شهياً. فالأنانية في الحب تعزل الروح عن السياحة في كل القلوب فتضعف و تذوب. و حين تنطلق الروح في واحة و بستان القلوب فإنها تلتقط المحاسن و المآثر. و أنت حين تحب أخاك لا تحبه لنفسك "و أن تحب المرء لا تحبه إلا لله" و إنما أنت تستثمر هذا الحب في سبيل الله فينتشر الحب و يسود، فتقوى الكتيبة و تقود.

فالحب في الله ملتزم بأحكام و توجيهات الشريعة في النية و القول و العمل. و رسول الله صلى الله عليه و سلم يحذرنا فيقول"ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما"صححه الألباني في صحيح الجامع.

و الله تعالى يقول: {الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (67) سورة الزخرف



أيها الأخوة الأحباب:

و الحب في الله تعالى حركة وجدانية، و خطاب روحي، و رسالة قلبية، تنبعث من قلب إلى قلب، و تحملها روح إلى روح، بدافع التجانس و التقارب و التعاطف على عقيدة و منهج و رسالة. فشأن الحب كشأن إبرة البوصلة تظل تتذبذب يمنة و يسرة حتى تستقر نحو القبلة. فكذلك القلب يظل يهفو و يشتاق و الروح تسبح و تحلق حتى تقع على صداها و هداها. فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف. فالاسم الحسن، و الوجه الحسن، و الخلق الحسن، و الحياء و الذوق و الصدق و حسن الأداء في العمل. كل هذه الصفات-وغيرها كثير-تجذب القلوب و توحي بالحب..

و في حديث الرسول صلى الله عليه و سلم الذي رواه النسائي و ابن حبان يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: "إن من عباد الله عبادا ليسو بأنبياء، يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل :من هم ؟ لعلنا نحبهم ؛ قال :هم قوم تحابوا بنور الله، من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}" (62) سورة يونس. صححه الألباني في صحيح الترغيب.

و في قول الصحابة رضوان الله عليهم-"من هم لعلنا نحبهم"...تشوق و تلهف ليحبوهم و يدخلوا قلوبهم و يضيفوا إلى الصف قلوباً جديدة تشعل عواطفهم، و تجدد نشاطهم، و تقوي عزمهم.

{وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي،وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا، وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا، إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا} سورة طـه(29-36).

لهذا أخي الحبيب عليك أن تتذكر محاسن أخلاق إخوانك، و تشيع فضائلهم و سماحتهم، و رقة عواطفهم، و سعة صدورهم و إخلاصهم و وفائهم. فذلك يولد في نفوس السامعين الشعور بالشوق و الحب لهم.

أحببته قبل رؤياه لحسن وصف عنه قد جرى

و كذا الجنة محبوبة لحسنها قبل أن تُبصرا

أيها الأخوة :

إن مشاعر الحب في الله تعالى تمد الأخوة بطاقات وجدانية سامية تفتح أمامهم مجالات للعمل و الإنتاج، و هي كذلك تعمل على تدريب و تكوين الأخ خلال شعوره بذاته العملية المنتجة.

و كذلك حين يجد من إخوانه من يحيطونه بحبهم و تقديرهم، فلا يجد نفسه يعيش في المجتمع وحيداً فريداً

. إن الإنسان الذي لا يجد له مكاناً في قلوب إخوانه سوف يصنع من الأسباب ما قد تكون مخالفة للعادات و الأعراف كي يصنع لنفسه جواً من الاهتمام قد يكون مزيفاً أو مكروهاً.

و الإخوة الكرام الذين ربط الله بين قلوبهم بالحب و الجهاد في سبيله يجب ألا ينسوا أنهم بشر و ليسول بملائكة منزهين عن الخطأ و النسيان. فرسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"رُفع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استُكرهوا عليه" صححه الألباني في صحيح الجامع.

من ذا الذي ما ساء قط

و من له الحُسنى فقط!

إن الشعور بالحب و الثقة بين الإخوان يجعلهم ينشدون المثالية في التعامل تصحبها حساسية مرهفة نحو أدنى تقصير و لو كان عفو الخاطر و دون قصد. لهذا فلا بد أن نترك مسافة فيما يحتمل الصواب و الحطأ حتى تستقر و تهدأ الخواطر. و لا ينبغي أن نكلف الأخ ما لا يطيق و ما هو ليس من تكوينه النفسي و البشري و نحن نقرأ قول الله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (286)سورة البقرة.

كما أن أكثر ما يفسد ود القلوب هو حرص البعض على توجيه النصيحة بغير وسيلتها الحكيمة. فإن النفس البشرية و إن بدت سهلة لينة إلا أن ما يصطدم مع الطبائع و الشعور شيء فوق الاحتمال، خاصة و أن مداخل النفس البشرية لا يعلمها إلا الله سبحانه و تعالى.

و كم من حبيب "يتعشَّم" في أخيه سعة في الصدر، أو ثقة بلا حدود، فيتقدم إليه و هو في صحبة جمع من إخوانه و أصدقائه الذين يحبونهو يقدرونه، ثم يقدم إليه نصيحة دون حكمة، فيترتب على ذلك إحراج و خجل يؤدي إلى الجفاف في العواطف، و تبلد في المشاعر..

تعهدني نصحك في انفرادك

و جنبني النصيحة في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوع

من التوبيخ لا أرضى استماعه

و يحس هذا الأخ الذي بادر بالنصيحة أنه قد تجاوز الحكمة فيهتز وجدانه. و كم لأخلاق الحب من جمال حين يرقى الأحباب إلى مستوى القرب فتشف القلوب، فتعتذر لأخيك من نفسك عن نفسه حتى لا تلجئه إلى موقف الاعتذار و العتاب، فإنه موقف لو تعلمون شديد لا يجوز في تعاملات القلوب و العواطف و المشاعر التي تصدت لأقسى الشدائد و المحن و الخطوب، فصبرت و احتسبت ذلك عند الله.

أخي... و لنتذكر غايتنا و أبعاد رسالتنا الإسلامية العالمية.

فالأخوة في الله تعالى لا توزن بالدنيا و ما فيها و ما عليها. و صدق الله العظيم:

{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (63) سورة الأنفال.

{وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (103) سورة آل عمران .

و ليسبق حبنا غضبنا، و ليجسد حبنا عظمة رسالتنا، و شرف غايتنا و نبل مقصدنا.

إننا نتحاب لإقامة دولة الإسلام، و هو أمل تتضاءل معه الدنيا كلها.....

منقوووووووووووووووووووول

فراشة الهير
09-03-2006, 09:43 PM
رائع راااااااااااااااااااااااااائع جزاك الله خير وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناك.

راعي بر
10-03-2006, 02:21 AM
و ليسبق حبنا غضبنا، و ليجسد حبنا عظمة رسالتنا، و شرف غايتنا و نبل مقصدنا.

إننا نتحاب لإقامة دولة الإسلام، و هو أمل تتضاءل معه الدنيا كلها

صدقت يا خويه ...وتسلم على النقل الموفق ....ربي يحفظك

مالك الحزين
10-03-2006, 02:05 PM
مشكورين على المرور
آمين وياكم
والحمدلله أن عيبكم الموضوووووووووووووووووووووووووووووع

شمـوخ
10-03-2006, 02:50 PM
يزااك الله كل خيير ع الموضووع الحلوو وربي يجعله فميزاان حسنااتك..[b]

مالك الحزين
11-03-2006, 08:06 PM
مشكوره على المرور
وتقبل منا ومنج صالح الأعمال
أن شاء الله