راعيها
09-04-2009, 06:26 AM
عن أبي ذَرٍّ جُنْدُب بِن جُنَادَة، وأبي عبدالرحمن مُعَاذ بِن جَبَلٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «اتق الله حيثما كنت، وأَتْبِعِ السَّيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُقٍ حسن». رواه الترمذي. وتقوى الله عز وجل: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخشاه من عقاب الله وقاية تقيه وتحفظه منه، ويكون ذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
أعظم ما يوجهنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الوصية تقوى الله عز وجل، التي هي جماع كل خير والوقاية من كل شر، بها استحق المؤمنون التأييد والمعونة من الله تعالى: {إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}.
ووعدهم عليها الرزق الحسن، والخلاص من الشدائد: {ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب}.
التقي هو الذي يؤمن بالغيب ويقيم الصلاة، وينفق مما رزقه الله، ويؤمن بما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله ويوقن بالآخرة ويوفي بعهده ويتقى محارم الله ويطيع الله ويتبع شريعته التي بعث بها خاتم رسله وسيدهم. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي».
والغنى غنى النفس هذا هو الغني المحبوب لقوله صلى الله عليه وسلم: «ولكن الغني غنى النفس»، قال ابن بطال: معنى الحديث ليس حقيقة الغنى كثرة المال لأن كثيراً ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه فكأنه فقير لشدة حرصه وإنما حقيقة الغنى غنى النفس وهو من استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب. وقال القرطبي: معنى الحديث إن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس وبيانه أنه إذا استغنت نفسه كفت عن المطامع فعزت وعظمت وحصل لها من الخطوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقير النفس لحرصه فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته وبخله ويكثر من يذمه من الناس ويصغر قدره عندهم فيكون أحقر من كل حقير وأذل من كل ذليل.
والحاصل أن المتصف بغنى النفس يكون قانعاً بما رزقه الله، لا يحرص على الازدياد لغير حاجة ولا يلح في الطلب ولا يحلف في السؤال بل يرضى بما قسم الله له فكأنه واجد أبداً والمنتصف بفقر النفس على الضد منه لكونه لا يقنع بما أعطي بل هو أبداً في طلب الازدياد من أي وجه أمكنه، ثم إذا فاته المطلوب حزن وأسف فكأنه فقير من المال لأنه لم يستغن بما أعطى فكأنه ليس بغني ثم غني النفس إنما ينشأ عن الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره علماً بأن الذي عند الله خير وأبقى، فهو معرض عن الحرص والطلب. وقال الطيي: يمكن أن يراد بغنى النفس حصول الكمالات العلمية والعملية وإلى ذلك أشار القائل: ومن ينفق الساعات في جمع ماله مخافة فقر فهو الذي فعل الفقر.
أي ينبغي أن ينفق أوقاته في الغني الحقيقي وهو تحصيل الكمالات، لا في جمع المال فإنه لا يزداد بذلك إلا فقراً. قال ابن حجر: وهذا وإن كان يمكن أن يراد لكن الذي تقدم أظهر في المراد وإنما يحصل غنى النفس بغنى القلب بأن يفتقر إلى ربه في جميع أموره فيتحقق أنه المعطى المانع فيرضى بقضائه ويشكره على نعمائه ويفزع إليه في كشف ضرائه فينشأ عن افتقار القلب لربه غنى نفسه عن غير ربه تعالى والغنى الوارد في قوله تعالى «ووجدك عائلاً فأغنى» ينزل على غنى النفس فإن الآية مكية ولا يخفى ما كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تفتح عليه خيبر وغيرها من قلة المال والله أعلم.
رجاء علي ( البيان )
أعظم ما يوجهنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الوصية تقوى الله عز وجل، التي هي جماع كل خير والوقاية من كل شر، بها استحق المؤمنون التأييد والمعونة من الله تعالى: {إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}.
ووعدهم عليها الرزق الحسن، والخلاص من الشدائد: {ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب}.
التقي هو الذي يؤمن بالغيب ويقيم الصلاة، وينفق مما رزقه الله، ويؤمن بما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله ويوقن بالآخرة ويوفي بعهده ويتقى محارم الله ويطيع الله ويتبع شريعته التي بعث بها خاتم رسله وسيدهم. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي».
والغنى غنى النفس هذا هو الغني المحبوب لقوله صلى الله عليه وسلم: «ولكن الغني غنى النفس»، قال ابن بطال: معنى الحديث ليس حقيقة الغنى كثرة المال لأن كثيراً ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه فكأنه فقير لشدة حرصه وإنما حقيقة الغنى غنى النفس وهو من استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب. وقال القرطبي: معنى الحديث إن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس وبيانه أنه إذا استغنت نفسه كفت عن المطامع فعزت وعظمت وحصل لها من الخطوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقير النفس لحرصه فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته وبخله ويكثر من يذمه من الناس ويصغر قدره عندهم فيكون أحقر من كل حقير وأذل من كل ذليل.
والحاصل أن المتصف بغنى النفس يكون قانعاً بما رزقه الله، لا يحرص على الازدياد لغير حاجة ولا يلح في الطلب ولا يحلف في السؤال بل يرضى بما قسم الله له فكأنه واجد أبداً والمنتصف بفقر النفس على الضد منه لكونه لا يقنع بما أعطي بل هو أبداً في طلب الازدياد من أي وجه أمكنه، ثم إذا فاته المطلوب حزن وأسف فكأنه فقير من المال لأنه لم يستغن بما أعطى فكأنه ليس بغني ثم غني النفس إنما ينشأ عن الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره علماً بأن الذي عند الله خير وأبقى، فهو معرض عن الحرص والطلب. وقال الطيي: يمكن أن يراد بغنى النفس حصول الكمالات العلمية والعملية وإلى ذلك أشار القائل: ومن ينفق الساعات في جمع ماله مخافة فقر فهو الذي فعل الفقر.
أي ينبغي أن ينفق أوقاته في الغني الحقيقي وهو تحصيل الكمالات، لا في جمع المال فإنه لا يزداد بذلك إلا فقراً. قال ابن حجر: وهذا وإن كان يمكن أن يراد لكن الذي تقدم أظهر في المراد وإنما يحصل غنى النفس بغنى القلب بأن يفتقر إلى ربه في جميع أموره فيتحقق أنه المعطى المانع فيرضى بقضائه ويشكره على نعمائه ويفزع إليه في كشف ضرائه فينشأ عن افتقار القلب لربه غنى نفسه عن غير ربه تعالى والغنى الوارد في قوله تعالى «ووجدك عائلاً فأغنى» ينزل على غنى النفس فإن الآية مكية ولا يخفى ما كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تفتح عليه خيبر وغيرها من قلة المال والله أعلم.
رجاء علي ( البيان )