طبيت حبكـ
09-01-2006, 11:33 AM
من كتاب الفوائد لابن القيم:
حكم بالغات:
_للعبد ستر بينه وبين الله وستر بينه وبين الناس،فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله هتك الله الستر الذي بينه وبين الناس.
_للعبد رب هو ملاقيه وبيت هو ساكنه، فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه ويعمر بيته قبل انتقاله إليه.
_إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة،والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
_المخلوق إذا خفته استوحشت منه وهربت منه،والرب تعالى إذا خفته آنست به وقربت إليه.
_لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله سبحانه أحبار أهل الكتاب،ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين.
_دافع الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة.فدافع الفكرة،فإن لم تفعل صارت شهوة.فحاربها،فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة،فإن
لم تدافعها صارت فعلا،فإن لم تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الإنتقال عنها.
نتائج المعصية:
قلة التوفيق وفساد الرأي،وخفاء الحق وفساد القلب،وخمول الذكر وإضاعة الوقت،ونفرة الخلق والوحشة بين العبد وربه،ومنع
إجابة الدعاء،وقسوة القلب،ومحق البركة في الرزق والعمر،وحرمان العلم ولباس الذل وإهانة العدو وضيق الصدر،والإبتلاء بقرناء
السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت،وطول الهم والغم،وضنك المعيشة وكسف البال..تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله كما يتولد
الزرع عن الماء والإحراق عن النار.وأضداد هذا تتولد عن الطاعة.
إنصاف الله:
طوبى لمن أنصف ربه فأقر له بالجهل في علمه والآفات في عمله والعيوب في نفسه والتفريط في حقة والظلم في معاملته.فإن آخذه بذنوبه
رأى عدله،وإن لم يؤاخذه بها رأى فضله،وإن عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه،فإن قبلها فمنة وصدقة ثانية،وإن ردها فلكون مثلها
لا يصلح أن يواجه به.وإن عمل سيئة رآها من تخليه عنه وخذلانه له وإمساك عصمته عنه وذلك من عدله فيه فيرى في ذلك فقره إلى ربه وظلمه في نفسه،
فإن غفرها له فبمحض إحسانه وجوده وكرمه.ونكتة المسألة وسرها أنه لا يرى ربه إلا محسنا ولا يرى نفسه إلا مسيئا أو مفرطا أو مقصرا فيرى كل
ما يسره من فضل ربه عليه وإحسانه إليه وكل ما يسوؤه من ذنوبه وعدل الله فيه.
_من عظم وقار الله في قلبه أن يعصيه وقره الله في قلوب الخلق أن يذلوه.
_ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه،إنما العجب من ملك يتحبب إلى مملوكه
بصنوف إنعامه ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه.
عبر وعظات:
_الذنوب جراحات ورب جرح وقع في مقتل.
_لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة له.
_قيل لبعض العباد:إلى كم تتعب نفسك؟فقال:راحتها أريد.
_يا مخنث العزم أين أنت والطريق طريق تعب فيه آدم،وناح لأجله نوح،ورمى في النار الخليل،
واضطجع للذبح إسماعيل،وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين،ونشر بالمنشار زكريا،
وذبح السيد الحصور يحيى،وقاسى الضر أيوب،وزاد على المقدار بكاء داوود،وسار مع الوحش عيسى،وعالج
الفقر وأنواع الأذى محمد عليه الصلاة والسلام تزهو انت باللهو والللعب.
الدنيا خداعة:
_الدنيا كامرأة بغي لا تثبت مع زوج إنما تخطب الأزواج ليستحسنوا عليها،فلا ترضى بالدياثة.
السير في طلبها سير في أرض مسبعة (ذات سباع كثيرة)والسباحة فيها سباحة في غدير التمساح.
المفروح به منها هو عين المحزون عليه.آلامها متولدة من لذاتها،وأحزانها من أفراحها.
أعجب العجاب:
من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه،وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة.وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره.
وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له.وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته.وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض
في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته.وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم
الإقبال عليه والإنابة إليه.
وأعجب من هذا علمك أنك لا بد لك منه وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه راغب.
قال يحي بن معاذ:من جمع الله عليه قلبه في الدعاء لم يرده.
قلت:إذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته وفاقته وقوى رجاؤه،فلا يكاد يرد دعاؤه.
فوائد وحكم:
_كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه،وولد لا يعذره،وجار لا يأمنه،وصاحب لا ينصحه،وشريك لا ينصفه،وعدو لا ينام عن معاداته،
ونفس أمارة بالسوء،ودنيا متزينة،وهوى مرد،وشهوة غالبة له،وغضب قاهر،وشيطان مزين،وضعف مستول عليه،فإن تولاه
الله وجذبه إليه انقهرت له هذه كلها،وإن تخلى عنه ووكله إلى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة.
_اشتر نفسك اليوم، فإن السوق قائمة والثمن موجود والبضائع رخيصة،وسيأتي على تلك السوق والبضائع يوم لا تصل فيه إلى قليل
ولا كثير((ذلك يوم التغابن))[التغابن:9]((ويوم يعض الظالم على يديه))[الفرقان:27].
_من تلمح حلاوة العافية هانت عليه مرارة الصبر.
_البخيل فقير لا يؤجر على فقره.
_تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.
_لا تسأل سوى مولاك،فسؤال العبد غير سيده تشنيع عليه.
_استوحش مما لا يدوم معك.واستأنس بمن لا يفارقك.
_أوثق غضبك بسلسلة الحلم فإنه كلب إن أفلت أتلف.
_لا تسأم من الوقوف على الباب ولو طردت،ولا تقطع الإعتذار ولو رددت،فإن فتح الباب للمقبولين دونك فاهجم هجوم الكذابين
وادخل دخول الطفيلية وابسط كف((وتصدّق علينا))[يوسف:88]
_المعاصي سد في باب الكسب،وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
_الدنيا جيفة،والأسد لا يقع على الجيف.
الدنيا مجاز والآخرة وطن،والأوطار(الحاجات)إنما تطلب في الأوطان.
لا حول ولا قوة إلا بالله:
_لا حول ولا قوة إلا بالله فهو الذي بيده الحول كله والقوة كلها،فالحول والقوة التي يرجى لأجلهما المخلوق ويخاف إنما
هما لله وبيده في الحقيقة.فكيف يخاف ويرجى من لا حول له ولا قوة،بل خوف المخلوق ورجاؤه أحد أسباب الحرمان ونزول
المكروه بمن يرجوه ويخافه،فإنه على قدر خوفك من غير الله يسلط عليك،وعلى قدر رجائك لغيره يكون الحرمان.وهذا حال
الخلق أجمعه وإن ذهب عن أكثرهم علما وحالا،فما شاء الله كان ولا بد،ومالم يشأ لم يكن ولو اتفقت عليه الخليقة.
_التوحيد يدفع الشدائد:
التوحيد مفزع أعدائه وأوليائه:فأما أعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها وأما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة
وشدائدها.ولذلك فزع إليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات.ولما فزع إليه فرعون،عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق،لم ينفعه،لأن
الإيمان عند المعاينة لا يقبل.هذه سنة الله في عباده،فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد.ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة
ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه بالتوحيد.
_كيف يؤثر من له عقل لذة ضعيفة قصيرة مشوبة بالآلام على لذة عظيمة دائمة أبدا الآباد؟!وكمال العبد بحسب هاتين القوتين:
العلم والحب،وأفضل العلم العلم بالله،وأعلى الحب الحب له،وأكمل اللذة بحسبهما،والله المستعان.
التقوى:
_قال الثوري لابن أبي ذئب:إن اتقيت الله كفاك الناس،وإن اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله شيئا.
وقال زيد بن أسلم:من اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا.
فائدة:
_بين العبد وبين الله والجنة قنطرة تقطع بخطوتين:خطوة عن نفسه،وخطوة عن الخلق،فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس،
ويسقط الناس ويلغيهم فيما بينه وبين الله،فلا يلتفت إلا إلى من دله على الله وعلى الطريق الموصل إليه.
ما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا:
_فرغ خاطرك للهم بما أمرت به ولا تشغله بما ضمن له،فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان.فما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا.
وإذا سد عليك بحكمته طريقا من طرقه فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه.فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا
إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له.وليس ذلك لغير المؤمن.فإنه يمنعه الحظ الأدنى الخسيس ولا يرضى له به ليعطيه الحظ الأعلى النفيس.
والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له.بل هو مولع بحب العاجل
وإن كان دنيئا،وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليا.ولو أنصف العبد ربه،وأنى له بذلك،لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها
ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك،فما منعه إلا ليعطيه،ولا ابتلاه إلا ليعافيه،ولا امتحنه إلا ليصافيه،ولا أماته إلا ليحييه،
ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتأهب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة إليه. والله المستعان.
_أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالإخلاص وعن نفسك بشهود المنة ،فلا ترى فيه نفسك ولا ترى الخلق.
_إذا كان عرش الرحمن قد اهتز لموت بعض اتباعه فرحا واستبشارا بقدوم روحه،فكيف بقدوم روح سيد الخلائق؟
فيا منتسبا إلى غير هذا الجناب،ويا واقفا بغير هذا الباب،ستعلم يوم الحشر أي سريرة تكون عليها(يوم تبلى السرائر)[الطارق:9] ((66))
_من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته،ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا،ومن أساء في آخر عمره لقى ربه بذلك الوجه.
لو قدمت لقمة وجدتها ولكن يؤذيك الشره.
فوائد مختلفة:
_ابن آدم،لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة.
_لولا تقدير الذنب هلك ابن آدم من العجب.
_ذنب يذل به أحب إليه من طاعة يدل بها عليه.
_لله ملك السموات والأرض،واستقرض منك حبة فبخلت بها،وخلق سبعة أبحر وأحب منك دمعة فقحطت عينك بها.
_لذات الدنيا كسوداء وقد غلبت عليك،والحور العين يعجبن من سوء اختيارك عليهن،غير أن زوبعة الهوى إذا ثارت سفت(ذرت)في عين
البصيرة فخفيت الجادة.
_سبحان الله تزينت الجنة للخطاب، فجدوا في تحصيل المهر،وتعرف رب العزة إلى المحبين بأسمائه وصفاته فعملوا على اللقاء وأنت مشغول بالجيف.
_تالله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تولى عنك الولي،فلا تظن أن الشيطان غلب ولكن الحافظ أعرض.
_إحذر نفسك،فما أصابك بلاء قط إلا منها،ولا تهادنها،فوالله ما أكرمها من لم يهنها،ولا أعزها من لم يذلها،ولا جبرها من لم يكسرها،ولا أراحها
من لم يتعبها،ولا أمنها من لم يخوفها،ولا فرحها من لم يحزنها.
_ليس العجب من قوله يحبونه،إنما العجب من قوله يحبهم.
_ليس العجب من فقير مسكين يحب محسنا إليه،إنما العجب من محسن يحب فقيرا مسكينا.
_كانت تحفة ثاني اثنين مدخرة للصديق،دون الجميع،فهو الثاني في الإسلام وفي بذل النفس وفي الزهد وفي الصحبة وفي الخلافة وفي العمر،وفي سبب
الموت،لأن الرسول عليه الصلاة والسلام مات عن أثر السم وأبو بكر سم فمات.((ثاني اثنين إذ هما في الغار))[التوبة:40] ((76))
عبر وعظات:
_يا أيها الأعزل احذر فراسة المتقي،فإنه يرى عورة عملك من وراء ستر((اتقوا فراسة المؤمن)).
_لو عرفت قدر نفسك عندنا ما أهنتها بالمعاصي،إنما أبعدنا إبليس إذ لم يسجد لك،وأنت في صلب أبيك،فواعجبا كيف صالحته!لو كان في قلبك محبة لبان أثرها
على جسدك.
_تذكر حلاوة الوصال يهن عليك مر المجاهدة.
_أعلى الهمم همة من استعد صاحبها للقاء الحبيب.
_الجنة ترضى منك بأداء الفرائض،والنار تندفع عنك بترك المعاصي،والمحبة لا تقنع منك إلا ببذل الروح.
_جمع فيك عقل الملك وشهوة البهيمة وهوى الشيطان وأنت للغالب عليك من الثلاثة:إن غلبت شهوتك هواك زدت على مرتبة ملك،
وإن غلبك هواك وشهوتك نقصت عن مرتبة كلب.
حكم بالغات:
_للعبد ستر بينه وبين الله وستر بينه وبين الناس،فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله هتك الله الستر الذي بينه وبين الناس.
_للعبد رب هو ملاقيه وبيت هو ساكنه، فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه ويعمر بيته قبل انتقاله إليه.
_إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة،والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
_المخلوق إذا خفته استوحشت منه وهربت منه،والرب تعالى إذا خفته آنست به وقربت إليه.
_لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله سبحانه أحبار أهل الكتاب،ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين.
_دافع الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة.فدافع الفكرة،فإن لم تفعل صارت شهوة.فحاربها،فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة،فإن
لم تدافعها صارت فعلا،فإن لم تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الإنتقال عنها.
نتائج المعصية:
قلة التوفيق وفساد الرأي،وخفاء الحق وفساد القلب،وخمول الذكر وإضاعة الوقت،ونفرة الخلق والوحشة بين العبد وربه،ومنع
إجابة الدعاء،وقسوة القلب،ومحق البركة في الرزق والعمر،وحرمان العلم ولباس الذل وإهانة العدو وضيق الصدر،والإبتلاء بقرناء
السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت،وطول الهم والغم،وضنك المعيشة وكسف البال..تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله كما يتولد
الزرع عن الماء والإحراق عن النار.وأضداد هذا تتولد عن الطاعة.
إنصاف الله:
طوبى لمن أنصف ربه فأقر له بالجهل في علمه والآفات في عمله والعيوب في نفسه والتفريط في حقة والظلم في معاملته.فإن آخذه بذنوبه
رأى عدله،وإن لم يؤاخذه بها رأى فضله،وإن عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه،فإن قبلها فمنة وصدقة ثانية،وإن ردها فلكون مثلها
لا يصلح أن يواجه به.وإن عمل سيئة رآها من تخليه عنه وخذلانه له وإمساك عصمته عنه وذلك من عدله فيه فيرى في ذلك فقره إلى ربه وظلمه في نفسه،
فإن غفرها له فبمحض إحسانه وجوده وكرمه.ونكتة المسألة وسرها أنه لا يرى ربه إلا محسنا ولا يرى نفسه إلا مسيئا أو مفرطا أو مقصرا فيرى كل
ما يسره من فضل ربه عليه وإحسانه إليه وكل ما يسوؤه من ذنوبه وعدل الله فيه.
_من عظم وقار الله في قلبه أن يعصيه وقره الله في قلوب الخلق أن يذلوه.
_ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه،إنما العجب من ملك يتحبب إلى مملوكه
بصنوف إنعامه ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه.
عبر وعظات:
_الذنوب جراحات ورب جرح وقع في مقتل.
_لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة له.
_قيل لبعض العباد:إلى كم تتعب نفسك؟فقال:راحتها أريد.
_يا مخنث العزم أين أنت والطريق طريق تعب فيه آدم،وناح لأجله نوح،ورمى في النار الخليل،
واضطجع للذبح إسماعيل،وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين،ونشر بالمنشار زكريا،
وذبح السيد الحصور يحيى،وقاسى الضر أيوب،وزاد على المقدار بكاء داوود،وسار مع الوحش عيسى،وعالج
الفقر وأنواع الأذى محمد عليه الصلاة والسلام تزهو انت باللهو والللعب.
الدنيا خداعة:
_الدنيا كامرأة بغي لا تثبت مع زوج إنما تخطب الأزواج ليستحسنوا عليها،فلا ترضى بالدياثة.
السير في طلبها سير في أرض مسبعة (ذات سباع كثيرة)والسباحة فيها سباحة في غدير التمساح.
المفروح به منها هو عين المحزون عليه.آلامها متولدة من لذاتها،وأحزانها من أفراحها.
أعجب العجاب:
من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه،وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة.وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره.
وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له.وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته.وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض
في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته.وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم
الإقبال عليه والإنابة إليه.
وأعجب من هذا علمك أنك لا بد لك منه وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه راغب.
قال يحي بن معاذ:من جمع الله عليه قلبه في الدعاء لم يرده.
قلت:إذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته وفاقته وقوى رجاؤه،فلا يكاد يرد دعاؤه.
فوائد وحكم:
_كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه،وولد لا يعذره،وجار لا يأمنه،وصاحب لا ينصحه،وشريك لا ينصفه،وعدو لا ينام عن معاداته،
ونفس أمارة بالسوء،ودنيا متزينة،وهوى مرد،وشهوة غالبة له،وغضب قاهر،وشيطان مزين،وضعف مستول عليه،فإن تولاه
الله وجذبه إليه انقهرت له هذه كلها،وإن تخلى عنه ووكله إلى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة.
_اشتر نفسك اليوم، فإن السوق قائمة والثمن موجود والبضائع رخيصة،وسيأتي على تلك السوق والبضائع يوم لا تصل فيه إلى قليل
ولا كثير((ذلك يوم التغابن))[التغابن:9]((ويوم يعض الظالم على يديه))[الفرقان:27].
_من تلمح حلاوة العافية هانت عليه مرارة الصبر.
_البخيل فقير لا يؤجر على فقره.
_تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.
_لا تسأل سوى مولاك،فسؤال العبد غير سيده تشنيع عليه.
_استوحش مما لا يدوم معك.واستأنس بمن لا يفارقك.
_أوثق غضبك بسلسلة الحلم فإنه كلب إن أفلت أتلف.
_لا تسأم من الوقوف على الباب ولو طردت،ولا تقطع الإعتذار ولو رددت،فإن فتح الباب للمقبولين دونك فاهجم هجوم الكذابين
وادخل دخول الطفيلية وابسط كف((وتصدّق علينا))[يوسف:88]
_المعاصي سد في باب الكسب،وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
_الدنيا جيفة،والأسد لا يقع على الجيف.
الدنيا مجاز والآخرة وطن،والأوطار(الحاجات)إنما تطلب في الأوطان.
لا حول ولا قوة إلا بالله:
_لا حول ولا قوة إلا بالله فهو الذي بيده الحول كله والقوة كلها،فالحول والقوة التي يرجى لأجلهما المخلوق ويخاف إنما
هما لله وبيده في الحقيقة.فكيف يخاف ويرجى من لا حول له ولا قوة،بل خوف المخلوق ورجاؤه أحد أسباب الحرمان ونزول
المكروه بمن يرجوه ويخافه،فإنه على قدر خوفك من غير الله يسلط عليك،وعلى قدر رجائك لغيره يكون الحرمان.وهذا حال
الخلق أجمعه وإن ذهب عن أكثرهم علما وحالا،فما شاء الله كان ولا بد،ومالم يشأ لم يكن ولو اتفقت عليه الخليقة.
_التوحيد يدفع الشدائد:
التوحيد مفزع أعدائه وأوليائه:فأما أعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها وأما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة
وشدائدها.ولذلك فزع إليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات.ولما فزع إليه فرعون،عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق،لم ينفعه،لأن
الإيمان عند المعاينة لا يقبل.هذه سنة الله في عباده،فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد.ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة
ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه بالتوحيد.
_كيف يؤثر من له عقل لذة ضعيفة قصيرة مشوبة بالآلام على لذة عظيمة دائمة أبدا الآباد؟!وكمال العبد بحسب هاتين القوتين:
العلم والحب،وأفضل العلم العلم بالله،وأعلى الحب الحب له،وأكمل اللذة بحسبهما،والله المستعان.
التقوى:
_قال الثوري لابن أبي ذئب:إن اتقيت الله كفاك الناس،وإن اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله شيئا.
وقال زيد بن أسلم:من اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا.
فائدة:
_بين العبد وبين الله والجنة قنطرة تقطع بخطوتين:خطوة عن نفسه،وخطوة عن الخلق،فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس،
ويسقط الناس ويلغيهم فيما بينه وبين الله،فلا يلتفت إلا إلى من دله على الله وعلى الطريق الموصل إليه.
ما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا:
_فرغ خاطرك للهم بما أمرت به ولا تشغله بما ضمن له،فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان.فما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا.
وإذا سد عليك بحكمته طريقا من طرقه فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه.فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا
إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له.وليس ذلك لغير المؤمن.فإنه يمنعه الحظ الأدنى الخسيس ولا يرضى له به ليعطيه الحظ الأعلى النفيس.
والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له.بل هو مولع بحب العاجل
وإن كان دنيئا،وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليا.ولو أنصف العبد ربه،وأنى له بذلك،لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها
ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك،فما منعه إلا ليعطيه،ولا ابتلاه إلا ليعافيه،ولا امتحنه إلا ليصافيه،ولا أماته إلا ليحييه،
ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتأهب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة إليه. والله المستعان.
_أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالإخلاص وعن نفسك بشهود المنة ،فلا ترى فيه نفسك ولا ترى الخلق.
_إذا كان عرش الرحمن قد اهتز لموت بعض اتباعه فرحا واستبشارا بقدوم روحه،فكيف بقدوم روح سيد الخلائق؟
فيا منتسبا إلى غير هذا الجناب،ويا واقفا بغير هذا الباب،ستعلم يوم الحشر أي سريرة تكون عليها(يوم تبلى السرائر)[الطارق:9] ((66))
_من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته،ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا،ومن أساء في آخر عمره لقى ربه بذلك الوجه.
لو قدمت لقمة وجدتها ولكن يؤذيك الشره.
فوائد مختلفة:
_ابن آدم،لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة.
_لولا تقدير الذنب هلك ابن آدم من العجب.
_ذنب يذل به أحب إليه من طاعة يدل بها عليه.
_لله ملك السموات والأرض،واستقرض منك حبة فبخلت بها،وخلق سبعة أبحر وأحب منك دمعة فقحطت عينك بها.
_لذات الدنيا كسوداء وقد غلبت عليك،والحور العين يعجبن من سوء اختيارك عليهن،غير أن زوبعة الهوى إذا ثارت سفت(ذرت)في عين
البصيرة فخفيت الجادة.
_سبحان الله تزينت الجنة للخطاب، فجدوا في تحصيل المهر،وتعرف رب العزة إلى المحبين بأسمائه وصفاته فعملوا على اللقاء وأنت مشغول بالجيف.
_تالله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تولى عنك الولي،فلا تظن أن الشيطان غلب ولكن الحافظ أعرض.
_إحذر نفسك،فما أصابك بلاء قط إلا منها،ولا تهادنها،فوالله ما أكرمها من لم يهنها،ولا أعزها من لم يذلها،ولا جبرها من لم يكسرها،ولا أراحها
من لم يتعبها،ولا أمنها من لم يخوفها،ولا فرحها من لم يحزنها.
_ليس العجب من قوله يحبونه،إنما العجب من قوله يحبهم.
_ليس العجب من فقير مسكين يحب محسنا إليه،إنما العجب من محسن يحب فقيرا مسكينا.
_كانت تحفة ثاني اثنين مدخرة للصديق،دون الجميع،فهو الثاني في الإسلام وفي بذل النفس وفي الزهد وفي الصحبة وفي الخلافة وفي العمر،وفي سبب
الموت،لأن الرسول عليه الصلاة والسلام مات عن أثر السم وأبو بكر سم فمات.((ثاني اثنين إذ هما في الغار))[التوبة:40] ((76))
عبر وعظات:
_يا أيها الأعزل احذر فراسة المتقي،فإنه يرى عورة عملك من وراء ستر((اتقوا فراسة المؤمن)).
_لو عرفت قدر نفسك عندنا ما أهنتها بالمعاصي،إنما أبعدنا إبليس إذ لم يسجد لك،وأنت في صلب أبيك،فواعجبا كيف صالحته!لو كان في قلبك محبة لبان أثرها
على جسدك.
_تذكر حلاوة الوصال يهن عليك مر المجاهدة.
_أعلى الهمم همة من استعد صاحبها للقاء الحبيب.
_الجنة ترضى منك بأداء الفرائض،والنار تندفع عنك بترك المعاصي،والمحبة لا تقنع منك إلا ببذل الروح.
_جمع فيك عقل الملك وشهوة البهيمة وهوى الشيطان وأنت للغالب عليك من الثلاثة:إن غلبت شهوتك هواك زدت على مرتبة ملك،
وإن غلبك هواك وشهوتك نقصت عن مرتبة كلب.