يـآس
11-09-2006, 08:44 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا نص الحديث الصحفي الذي أجرته جريدة البيان الإماراتية مع الشيخ محمد بن ركاض العامري قبل وفاة المغفور له بإذن الله سيّدي صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ..
عندما يتحدث الشيخ محمد بن ركاض العامري شيخ قبيلة العوامر بالعين والمناطق التابعة لها يجسد وبعمق مدى هذا الحب الجارف وتلك المكانة الرفيعة المتميزة التي يحظى بها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة في قلوب وعقول ابناء الإمارات جميعاً خاصة امراء وشيوخ القبائل والعشائر في العين وابو ظبي الذين عاصروا سموه وعرفوه عن كثب فعهدوا فيه منذ البدايات الكرم, الشهامة, نكران الذات, الاخلاص, المودة, الحكمة,
. ففي تلقائية كبيرة يقول الشيخ العامري. وقبل ان نبدأ حديثنا معه, (لايوجد حاكم في العالم يحبه شعبه كما يحب ابناء الإمارات الوالد زايد.. فالريال الكبير والطفل الصغير والحرمه يحبونه لانه يبديهم عن نفسه في كل شئ.. المزارع, البيوت والفلوس ويتمنون له التوفيق وطول العمر) . ويتابع وبنفس القدر من التلقائيه والحماس قائلاً: (الولد الصغير من يطيح او ما يرمس ابوي زايد.. اول ما يتعلم قال ابوي زايد) . هكذا وبهذا القدر الكبير من البساطة والتلقائية يعكس شيوخ القبائل وكبار السن من المواطنين ما يختلج داخلهم تجاه القائد وراعي النهضة وصاحب مسيرة الرخاء الذي عاش معهم مخلصاً وفياً باراً بهم فأخلصوا له وعشقوه وبادلوه حباً بحب. ويواصل الشيخ محمد العامري حديثه معدداً المكارم والمآثر العديدة لصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئىس الدولة مؤكداً على ان هذا الرصيد الهائل من الحب والتقدير الذي يشغله في قلوب ابناء الإمارات لم يأت من فراغ بل جاء نتاج عطاء سموه وجهوده الكبيرة المخلصة التي بذلها لتستمر مسيرة البناء والتنمية والنهضة الكبيرة التي رعاها في ظل دولة الاتحاد الذي تحقق بفضل الله وبفضل ما يتمتع به سموه من حكمة وبعد نظر بعد ان كان حلماً بعيد المنال راود ابناء الإمارات طويلاً.. ويكفي ما تحقق من معجزات على ارض الصحراء التي تحولت برمالها الصفراء الى قرى ومدن حديثة وحدائق وغابات خضراء. ويؤكد الوالد محمد بن ركاض على ان هذا الحب والاحترام الكبيرين اللذين يحظى بهما صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لم يقتصرا على ابناء الإمارات بل تجاوزهم الى غيرهم من ابناء الدول العربية والاسلامية الذين يحفظون لسموه مكرماته العديدة ودعمه المتواصل ورعايته المستمرة للعديد من المشروعات التنموية في بلدانهم بالاضافة الى مواقفه المشهودة الثابتة من مختلف القضايا القومية والاسلامية والتي تقوم على الحق والشرعية.
عودة الى الوراء
ويعود شيخ (العوامر) بنا الى ماقبل 56 عاماً تمثل رصيده من العمر: ولدت في البر الجنوبي.. صوب الوجن.. وكان والدي الشيخ احمد بن سالم بن ركاض العامري حينذاك شيخ قبيلة العوامر .. وكان اخي سالم بن احمد بن ركاض الذي توفاه الله منذ 7 سنوات اكبر مني سناً, انتقلنا بعد ذلك الى منطقة اليحر حيث كنا نعيش في صنادق خشبية وبيوت من العشيش, لكن (زايد) بنى لنا بيوتا شعبية حديثة واعطانا مزارع وسوى لنا مدارس ومستشفيات ومساجد وانتشرت الدكاكين والمنازل الحديثة باليحر والتي يزيد عددها الان عن 1800 سكن شعبي فاستقرينا وفرحنا.. وصارت العين قريبة وابو ظبي قريبة بفضل الطرقات الحديثة الممهدة التي اختصرت المسافات وتعلم ابناؤنا والتحقوا بالشرطة والدفاع المدني والدوائر الحكومية. ومازال الشيخ محمد بن ركاض يتذكر طفولته.. فقد حال القدر بينه وبين رؤيته لوالده الذي توفي وهو مازال في سن مبكرة قبل ان ينتقل وشقيقه الى اليحر ويبدآن حياتهما على زراعة الحب والنخيل التي تطورت مع حركة التطور التي شهدتها البلاد ليتسع. كما يقول شيخ العوامر مجال حفر(الرقوق) ولتتحول الصحراء في عصر زايد الى جنات خضراء تمتد من العين وحتى الوجن.. من العين الى ابو ظبي الماء موجود, الظل موجود.. والرطب موجود.
لماذا.. العامريات
ويسترجع الوالد محمد بن ركاض ذكريات مرحلة الشباب والصبا والتي كانت العلاقات بين الناس فيها تجسد ارقى انواع التكافل الاجتماعي ويقول كانت حياتنا بسيطة ومتواضعة يغدق فيها الميسور على اصحاب الحاجة والعوز, فالذين عندهم اغنام وبوش ونخيل يزرعون ويحلبون ويعطون لاهاليهم وجيرانهم.. وكانت اليحر حينذاك بالاضافة الى الساد تمثلان منطقة واحدة تتسم الحياة منهما بالصعوبة والقوة, فالاهالي (يكدون) من اجل توفير لقمة العيش لابنائهم من خلال الرعى والزراعة التي كانت تقتصر على النخيل فقط وكان الاهالي يرفعون المياه من الطوى لسقيها وهو امر ينطوي على مشقة بالغة فلم تكن هناك مكائن حديثة تسهل عملية رفع المياه من الآبار كما هو الحال اليوم.. وعلى عكس مايرى البعض فان الشيخ محمد بن ركاض يرفض ان تكون الطفرة الحضارية الهائلة التي اعترت مجتمع الإمارات خلال السنوات الاخيرة قد غيرت من نفوس البعض ويؤكد ان التراحم والتواد والتكافل مازالت موجودة وملموسة بين المواطنين بفضل الله وبفضل صاحب السمو الشيخ زايد الذي طور من حياتهم. لم ننس في حوارنا مع شيخ قبيلة العوامر بالعين انه رئيس لجنة صندوق الزواج بالمدينة ومن هنا بادرنا بسؤاله عن ذكريات زواجه وحياته الاسرية منذ بدايتها وعن رؤيته لواقع الشباب الان ونصائحه التي يبديها للشباب المقبلين على الزواج.. ويقول العامري انه تزوج لاول مرة وهو لم يتجاوز بعد التاسعة عشرة.. وتزوج بعد ذلك اكثر من مرة وكانت زوجاته جميعهن عامريات اي من جماعته وذلك تجسيداً لفلسفة يعتز بها وهى ان الزوجة القريبة افضل الف مرة من الزوجات الغريبات خاصة عندما يكن غريبات على عادات وتقاليد المجتمع. وانجب بن ركاض من زوجاته 14 ولدا, و13 بنتاً تزوج عدد منهم وخطب البعض ومازال البعض الآخر في مرحلة الاقبال على الزواج.
تقليد اعمى واسراف
وعن عادات الاعراس في ايام زمان يقول الشيخ محمد بن ركاض انها كانت بسيطة بساطة الحياة لاتنطوي على اي مبالغة او تكلفة, وكان الآباء واولياء الامور لايلتفتون لأي من مظاهر التقليد الاعمى التي ينزع اليها المواطنون الان امعانا في التباهي ليس لعدم وجود الامكانيات المادية المتوفرة الان ولكن للقناعات الكبيرة التي كانت سائدة بين الآباء والامهات بان العريس صاحب الدين والاخلاق الكريمة والاستقامة اغلى واكبر من اى مهر واسمى بكثير من كل تلك المظاهر الزائلة والخادعة وهو مايغيب للأسف على الكثير من الآباء الان, وعن تجربته الشخصية يقول انه دفع مهراً قدره 10 آلاف درهم لعروسه وكل تكاليف العرس الاخرى كانت عبارة عن ناقة تم ذبحها وجونية عيش, ولكن الشيخ بن ركاض يعود ويقول ان الامور الان تغيرت كثيراً جداً بعد ان عم الخير وتحققت الطفرة وبدا على بعض المواطنين النزوع نحو التباهي والتفاخر في الاعراس وحفلات الزواج التي باتت تكلف مبالغ طائلة قد تتجاوز المليون درهم والمليونين لدى الميسورين وهذا امر طبيعي اذا كان مقدم الصداق يتراوح بين 100, 200 الف درهم والمؤخر يتراوح بين 80, 90 الف درهم. بالاضافة الى التكاليف الاخرى الباهظة للحفلات وما يصاحبها من بذخ واسراف والتي تصل احياناً الى ذبح عدد كبير من القعدان يتراوح بين 100, 150 قاعودا في العرس الواحد.
توجيهات كريمة
ويشيد الشيخ محمد العامري هنا بالتوجيهات الكريمة الخيرة لصاحب السمو رئىس الدولة بتحديد سقف اعلى للمهور لايجوز تجاوزه وكذلك تحديد الاطار الذي يجب ان يتم فيه حفل الزواج بحيث لايتجاوز اكثر من ليلة واحدة وان لايزيد عدد رؤوس القعدان التي يتم نحرها في العرس الواحد عن تسعة رؤوس بالاضافة الى 20 رأساً من الماعز. ويؤكد على ان هذا الرأي السديد لصاحب السمو رئيس الدولة كان له بالغ الاثر في حل العديد من المشاكل التي كان يعاني منها الشباب خاصة بعد مكرمة سموه بانشاء صندوق الزواج الذي يسير مع تلك التوجيهات الكريمة على اولياء الامور والشباب الذين وجدوا انفسهم ولاول مرة منذ سنوات في ظروف مواتية جداً مكنتهم من الارتباط من بنات الوطن دون تحمل اي اعباء مالية تؤثر على مدى استقرار حياتهم الزوجية الجديدة, كما حققت هذه الرؤية الثاقبة لسموه اهدافها في انفراج مشكلات العنوسة والزواج من اجنبيات يؤكد ذلك الاحصائيات والارقام التي تشير الى كثرة حالات زواج المواطنين من المواطنات والتي قد تتراوح في مدينة العين فقط بين 20, 30 حالة في الاسبوع الواحد.
القنص وتربية الجمال
ويستوقفنا الوالد الشيخ محمد بن ركاض العامري برهة ليعود ويغوص بنا في بحر الذكريات مستعرضاً جانباً من حياته العملية الاولى والتي ارتبطت بهواية تربية (الركاب) التي كانت الوسيلة الوحيدة حينذاك للتنقل والترحال ونقل المواد الغذائية والبضائع بين العين وأبوظبي ودبي حيث كانت الرحلة تستغرق حوالي 10 ايام تقطعها السيارة الآن خلال فترة لاتزيد عن ساعتين على اكثر تقدير. ويضيف العامري ان الركاب كانت الوسيلة الاكثر شيوعاً للاحتفال بالاعراس والمناسبات حيث تقام السباقات التي يعبر من خلالها الاهالي عن فرحتهم وبهجتهم في هذه المناسبات. وبالاضافة الى هواية تربية وركوب الجمال كان العامري يهوى كذلك رياضة القنص واصطياد الحباري باستخدام الجمال ويقول ان تلك من الرياضات المفضلة لصاحب السمو رئىس الدولة لانها تتعلق بالتراث. ويتطرق في حديثه الى التحولات الجذرية التي حدثت على صعيد استخدامات واسعار الركاب, فبين الماضي والحاضر تبدلت الظروف والاحوال وقفز سعر الناقة التي تفوز في السباق الى ما يتراوح بين ثلاثة او اربعة ملايين درهم بينما كان سعر احسن ناقة في الماضي لايتجاوز 200 روبية, ويمتلك العامري كما يقول 160 ناقة يربيها من بينها حوالي 40 ناقة للسباق ويشيد هنا بحرص واهتمام صاحب السمو رئيس الدولة بتشجيع المواطنين على احياء تراث الاجداد بتربية الجمال ورعايتها والاهتمام بها من خلال المبالغ الطائلة التي تباع بها النوق التي تفوز في السباقات والجوائز القيمة التي ترصد للفائزين في هذه السباقات.
عاشق العين والنخيل ويعشق ابن ركاض النخيل وزراعتها ويعتز كثيراً بمزرعته التي منحه اياها صاحب السمو رئيس الدولة ويقول انها مثمرة وتضم 980 نخلة تنتج اجود انواع التمور والرطب الذي يأكل منه واسرته ويعطي الاهل والاقارب وجيرانه. ويرى شيخ العوامر ان التحولات الكبيرة التي طرأت على صعيد الحياة تركت بصمات واضحة على مكونات شخصية الانسان فبينما كانت مقاييس الرجولة وفق المفهوم القبلي القديم تقوم على اساس مدى قوة البنيات والهمة والقدرة على فرض الحماية بالسلاح فان الوضع اختلف الآن وصار (الريال) بالمفهوم التقليدي هو المتعلم الذكي الفطن الذي يتمتع بقدر وافر من الحلم والرزانه وبعد النظر الذي يمكنه من ادراك حقوقه وماعليه من واجبات. وفي ختام حوارنا معه سألنا الوالد الشيخ محمد بن ركاض عن مدينة العين ومعنى الكلمة ومدلولاتها عنده وغيره من الشياب الذين ارتبطوا بها وجدانيا وشهدوا عن قرب مراحل التطور الكبيرة التي شهدتها المدينة حتى صارت واحدة من اجمل المدن واروعها تخطيطاً وتنظيماً فاكتفى في اجابته على التساؤل بالقول بان (العين) سميت هكذا لانها تسر العين وتفرح القلب.
حوار اجراه: محسن البوشي
المصدر جريدة البيان الجمعة 28 ربيع الآخر1419هـ الموافق 21 أغسطس 1998
__________________
دلعوه اهله
منقول
هذا نص الحديث الصحفي الذي أجرته جريدة البيان الإماراتية مع الشيخ محمد بن ركاض العامري قبل وفاة المغفور له بإذن الله سيّدي صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ..
عندما يتحدث الشيخ محمد بن ركاض العامري شيخ قبيلة العوامر بالعين والمناطق التابعة لها يجسد وبعمق مدى هذا الحب الجارف وتلك المكانة الرفيعة المتميزة التي يحظى بها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة في قلوب وعقول ابناء الإمارات جميعاً خاصة امراء وشيوخ القبائل والعشائر في العين وابو ظبي الذين عاصروا سموه وعرفوه عن كثب فعهدوا فيه منذ البدايات الكرم, الشهامة, نكران الذات, الاخلاص, المودة, الحكمة,
. ففي تلقائية كبيرة يقول الشيخ العامري. وقبل ان نبدأ حديثنا معه, (لايوجد حاكم في العالم يحبه شعبه كما يحب ابناء الإمارات الوالد زايد.. فالريال الكبير والطفل الصغير والحرمه يحبونه لانه يبديهم عن نفسه في كل شئ.. المزارع, البيوت والفلوس ويتمنون له التوفيق وطول العمر) . ويتابع وبنفس القدر من التلقائيه والحماس قائلاً: (الولد الصغير من يطيح او ما يرمس ابوي زايد.. اول ما يتعلم قال ابوي زايد) . هكذا وبهذا القدر الكبير من البساطة والتلقائية يعكس شيوخ القبائل وكبار السن من المواطنين ما يختلج داخلهم تجاه القائد وراعي النهضة وصاحب مسيرة الرخاء الذي عاش معهم مخلصاً وفياً باراً بهم فأخلصوا له وعشقوه وبادلوه حباً بحب. ويواصل الشيخ محمد العامري حديثه معدداً المكارم والمآثر العديدة لصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئىس الدولة مؤكداً على ان هذا الرصيد الهائل من الحب والتقدير الذي يشغله في قلوب ابناء الإمارات لم يأت من فراغ بل جاء نتاج عطاء سموه وجهوده الكبيرة المخلصة التي بذلها لتستمر مسيرة البناء والتنمية والنهضة الكبيرة التي رعاها في ظل دولة الاتحاد الذي تحقق بفضل الله وبفضل ما يتمتع به سموه من حكمة وبعد نظر بعد ان كان حلماً بعيد المنال راود ابناء الإمارات طويلاً.. ويكفي ما تحقق من معجزات على ارض الصحراء التي تحولت برمالها الصفراء الى قرى ومدن حديثة وحدائق وغابات خضراء. ويؤكد الوالد محمد بن ركاض على ان هذا الحب والاحترام الكبيرين اللذين يحظى بهما صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لم يقتصرا على ابناء الإمارات بل تجاوزهم الى غيرهم من ابناء الدول العربية والاسلامية الذين يحفظون لسموه مكرماته العديدة ودعمه المتواصل ورعايته المستمرة للعديد من المشروعات التنموية في بلدانهم بالاضافة الى مواقفه المشهودة الثابتة من مختلف القضايا القومية والاسلامية والتي تقوم على الحق والشرعية.
عودة الى الوراء
ويعود شيخ (العوامر) بنا الى ماقبل 56 عاماً تمثل رصيده من العمر: ولدت في البر الجنوبي.. صوب الوجن.. وكان والدي الشيخ احمد بن سالم بن ركاض العامري حينذاك شيخ قبيلة العوامر .. وكان اخي سالم بن احمد بن ركاض الذي توفاه الله منذ 7 سنوات اكبر مني سناً, انتقلنا بعد ذلك الى منطقة اليحر حيث كنا نعيش في صنادق خشبية وبيوت من العشيش, لكن (زايد) بنى لنا بيوتا شعبية حديثة واعطانا مزارع وسوى لنا مدارس ومستشفيات ومساجد وانتشرت الدكاكين والمنازل الحديثة باليحر والتي يزيد عددها الان عن 1800 سكن شعبي فاستقرينا وفرحنا.. وصارت العين قريبة وابو ظبي قريبة بفضل الطرقات الحديثة الممهدة التي اختصرت المسافات وتعلم ابناؤنا والتحقوا بالشرطة والدفاع المدني والدوائر الحكومية. ومازال الشيخ محمد بن ركاض يتذكر طفولته.. فقد حال القدر بينه وبين رؤيته لوالده الذي توفي وهو مازال في سن مبكرة قبل ان ينتقل وشقيقه الى اليحر ويبدآن حياتهما على زراعة الحب والنخيل التي تطورت مع حركة التطور التي شهدتها البلاد ليتسع. كما يقول شيخ العوامر مجال حفر(الرقوق) ولتتحول الصحراء في عصر زايد الى جنات خضراء تمتد من العين وحتى الوجن.. من العين الى ابو ظبي الماء موجود, الظل موجود.. والرطب موجود.
لماذا.. العامريات
ويسترجع الوالد محمد بن ركاض ذكريات مرحلة الشباب والصبا والتي كانت العلاقات بين الناس فيها تجسد ارقى انواع التكافل الاجتماعي ويقول كانت حياتنا بسيطة ومتواضعة يغدق فيها الميسور على اصحاب الحاجة والعوز, فالذين عندهم اغنام وبوش ونخيل يزرعون ويحلبون ويعطون لاهاليهم وجيرانهم.. وكانت اليحر حينذاك بالاضافة الى الساد تمثلان منطقة واحدة تتسم الحياة منهما بالصعوبة والقوة, فالاهالي (يكدون) من اجل توفير لقمة العيش لابنائهم من خلال الرعى والزراعة التي كانت تقتصر على النخيل فقط وكان الاهالي يرفعون المياه من الطوى لسقيها وهو امر ينطوي على مشقة بالغة فلم تكن هناك مكائن حديثة تسهل عملية رفع المياه من الآبار كما هو الحال اليوم.. وعلى عكس مايرى البعض فان الشيخ محمد بن ركاض يرفض ان تكون الطفرة الحضارية الهائلة التي اعترت مجتمع الإمارات خلال السنوات الاخيرة قد غيرت من نفوس البعض ويؤكد ان التراحم والتواد والتكافل مازالت موجودة وملموسة بين المواطنين بفضل الله وبفضل صاحب السمو الشيخ زايد الذي طور من حياتهم. لم ننس في حوارنا مع شيخ قبيلة العوامر بالعين انه رئيس لجنة صندوق الزواج بالمدينة ومن هنا بادرنا بسؤاله عن ذكريات زواجه وحياته الاسرية منذ بدايتها وعن رؤيته لواقع الشباب الان ونصائحه التي يبديها للشباب المقبلين على الزواج.. ويقول العامري انه تزوج لاول مرة وهو لم يتجاوز بعد التاسعة عشرة.. وتزوج بعد ذلك اكثر من مرة وكانت زوجاته جميعهن عامريات اي من جماعته وذلك تجسيداً لفلسفة يعتز بها وهى ان الزوجة القريبة افضل الف مرة من الزوجات الغريبات خاصة عندما يكن غريبات على عادات وتقاليد المجتمع. وانجب بن ركاض من زوجاته 14 ولدا, و13 بنتاً تزوج عدد منهم وخطب البعض ومازال البعض الآخر في مرحلة الاقبال على الزواج.
تقليد اعمى واسراف
وعن عادات الاعراس في ايام زمان يقول الشيخ محمد بن ركاض انها كانت بسيطة بساطة الحياة لاتنطوي على اي مبالغة او تكلفة, وكان الآباء واولياء الامور لايلتفتون لأي من مظاهر التقليد الاعمى التي ينزع اليها المواطنون الان امعانا في التباهي ليس لعدم وجود الامكانيات المادية المتوفرة الان ولكن للقناعات الكبيرة التي كانت سائدة بين الآباء والامهات بان العريس صاحب الدين والاخلاق الكريمة والاستقامة اغلى واكبر من اى مهر واسمى بكثير من كل تلك المظاهر الزائلة والخادعة وهو مايغيب للأسف على الكثير من الآباء الان, وعن تجربته الشخصية يقول انه دفع مهراً قدره 10 آلاف درهم لعروسه وكل تكاليف العرس الاخرى كانت عبارة عن ناقة تم ذبحها وجونية عيش, ولكن الشيخ بن ركاض يعود ويقول ان الامور الان تغيرت كثيراً جداً بعد ان عم الخير وتحققت الطفرة وبدا على بعض المواطنين النزوع نحو التباهي والتفاخر في الاعراس وحفلات الزواج التي باتت تكلف مبالغ طائلة قد تتجاوز المليون درهم والمليونين لدى الميسورين وهذا امر طبيعي اذا كان مقدم الصداق يتراوح بين 100, 200 الف درهم والمؤخر يتراوح بين 80, 90 الف درهم. بالاضافة الى التكاليف الاخرى الباهظة للحفلات وما يصاحبها من بذخ واسراف والتي تصل احياناً الى ذبح عدد كبير من القعدان يتراوح بين 100, 150 قاعودا في العرس الواحد.
توجيهات كريمة
ويشيد الشيخ محمد العامري هنا بالتوجيهات الكريمة الخيرة لصاحب السمو رئىس الدولة بتحديد سقف اعلى للمهور لايجوز تجاوزه وكذلك تحديد الاطار الذي يجب ان يتم فيه حفل الزواج بحيث لايتجاوز اكثر من ليلة واحدة وان لايزيد عدد رؤوس القعدان التي يتم نحرها في العرس الواحد عن تسعة رؤوس بالاضافة الى 20 رأساً من الماعز. ويؤكد على ان هذا الرأي السديد لصاحب السمو رئيس الدولة كان له بالغ الاثر في حل العديد من المشاكل التي كان يعاني منها الشباب خاصة بعد مكرمة سموه بانشاء صندوق الزواج الذي يسير مع تلك التوجيهات الكريمة على اولياء الامور والشباب الذين وجدوا انفسهم ولاول مرة منذ سنوات في ظروف مواتية جداً مكنتهم من الارتباط من بنات الوطن دون تحمل اي اعباء مالية تؤثر على مدى استقرار حياتهم الزوجية الجديدة, كما حققت هذه الرؤية الثاقبة لسموه اهدافها في انفراج مشكلات العنوسة والزواج من اجنبيات يؤكد ذلك الاحصائيات والارقام التي تشير الى كثرة حالات زواج المواطنين من المواطنات والتي قد تتراوح في مدينة العين فقط بين 20, 30 حالة في الاسبوع الواحد.
القنص وتربية الجمال
ويستوقفنا الوالد الشيخ محمد بن ركاض العامري برهة ليعود ويغوص بنا في بحر الذكريات مستعرضاً جانباً من حياته العملية الاولى والتي ارتبطت بهواية تربية (الركاب) التي كانت الوسيلة الوحيدة حينذاك للتنقل والترحال ونقل المواد الغذائية والبضائع بين العين وأبوظبي ودبي حيث كانت الرحلة تستغرق حوالي 10 ايام تقطعها السيارة الآن خلال فترة لاتزيد عن ساعتين على اكثر تقدير. ويضيف العامري ان الركاب كانت الوسيلة الاكثر شيوعاً للاحتفال بالاعراس والمناسبات حيث تقام السباقات التي يعبر من خلالها الاهالي عن فرحتهم وبهجتهم في هذه المناسبات. وبالاضافة الى هواية تربية وركوب الجمال كان العامري يهوى كذلك رياضة القنص واصطياد الحباري باستخدام الجمال ويقول ان تلك من الرياضات المفضلة لصاحب السمو رئىس الدولة لانها تتعلق بالتراث. ويتطرق في حديثه الى التحولات الجذرية التي حدثت على صعيد استخدامات واسعار الركاب, فبين الماضي والحاضر تبدلت الظروف والاحوال وقفز سعر الناقة التي تفوز في السباق الى ما يتراوح بين ثلاثة او اربعة ملايين درهم بينما كان سعر احسن ناقة في الماضي لايتجاوز 200 روبية, ويمتلك العامري كما يقول 160 ناقة يربيها من بينها حوالي 40 ناقة للسباق ويشيد هنا بحرص واهتمام صاحب السمو رئيس الدولة بتشجيع المواطنين على احياء تراث الاجداد بتربية الجمال ورعايتها والاهتمام بها من خلال المبالغ الطائلة التي تباع بها النوق التي تفوز في السباقات والجوائز القيمة التي ترصد للفائزين في هذه السباقات.
عاشق العين والنخيل ويعشق ابن ركاض النخيل وزراعتها ويعتز كثيراً بمزرعته التي منحه اياها صاحب السمو رئيس الدولة ويقول انها مثمرة وتضم 980 نخلة تنتج اجود انواع التمور والرطب الذي يأكل منه واسرته ويعطي الاهل والاقارب وجيرانه. ويرى شيخ العوامر ان التحولات الكبيرة التي طرأت على صعيد الحياة تركت بصمات واضحة على مكونات شخصية الانسان فبينما كانت مقاييس الرجولة وفق المفهوم القبلي القديم تقوم على اساس مدى قوة البنيات والهمة والقدرة على فرض الحماية بالسلاح فان الوضع اختلف الآن وصار (الريال) بالمفهوم التقليدي هو المتعلم الذكي الفطن الذي يتمتع بقدر وافر من الحلم والرزانه وبعد النظر الذي يمكنه من ادراك حقوقه وماعليه من واجبات. وفي ختام حوارنا معه سألنا الوالد الشيخ محمد بن ركاض عن مدينة العين ومعنى الكلمة ومدلولاتها عنده وغيره من الشياب الذين ارتبطوا بها وجدانيا وشهدوا عن قرب مراحل التطور الكبيرة التي شهدتها المدينة حتى صارت واحدة من اجمل المدن واروعها تخطيطاً وتنظيماً فاكتفى في اجابته على التساؤل بالقول بان (العين) سميت هكذا لانها تسر العين وتفرح القلب.
حوار اجراه: محسن البوشي
المصدر جريدة البيان الجمعة 28 ربيع الآخر1419هـ الموافق 21 أغسطس 1998
__________________
دلعوه اهله
منقول