حمامة بنت عبيد الطنيجي، التي تُعرف بلقب (دكتورة الذيد)، واشتهرت بـ«معالجة أمراض مستعصية، وعُرفت بقدرتها الشافية» يفد اليها الناس املا في الشفاء
حمامة الطنيجي سفيرة الطب الشعبي
عرف الطب الشعبي منذ القدم وبدأ الإنسان بالاهتمام بصحته والتداوي عن طريق المحاولة والخطأ، وأدرك مع هذه المحاولات ما لبعض الأعشاب التي تنمو حوله من خاصية علاج بعض الأمراض، وبدأ التطبيب بدائياً وعرفت الحضارات المختلفة الطب والتداوي بالأعشاب كما في مصر الفرعونية وحضارة بلاد ما بين النهرين ولعل أول كتاب ظهر عن الطب والتداوي بالأعشاب كان عند الصينيين في سنة 2599 قبل الميلاد.
وبرع العرب قبل الإسلام في الطب لتأثرهم بالحضارات التي ازدهرت خلال تلك الحقبة، وتطور ذلك العلم مع ظهور الاسلام. واشتهر أبوبكر الرازي وابن سينا بالتبحر في هذا الميدان وتطوره حتى أخذ العالم يترجم انتاجهما الى لغات مختلفة.
وليست منطقة الخليج العربي ودولة الإمارات خاصة ببعيدة عن ذلك التطور والتحديث، فقد مارس أهالي المنطقة الطب الشعبي عبر الزمن واشتهرت المنطقة بالعديد ممن تمكنوا من هذا العلم الحيوي للحياة والبشر.
وعند التطرق الى الحديث عن التداوي بالطب الشعبي في المنطقة الوسطى من الشارقة فلا بد من ذكر أشهر من يمارس هذه المهنة، وهي الوالدة حمامة بنت عبيد الطنيجي من سكان الذيد، التي لم يقتصر مرضاها رجالا ونساء وأطفالا على أهالي وسكان الذيد والقرى المجاورة لها، إذ ان شهرتها فاقت حدود مدن الإمارات الى خارجها، ولا تزال حالات مرضية تفد اليها من ابوظبي والعين ودبي الى جانب روادها من السعودية وقطر.
وتعتبر الوالدة حمامة الطنيجي أما للجميع اذ كانت ولادة معظم النساء في الذيد والمناطق المجاور لها على يديها، حيث كان الناس يأتون إليها قبل ظهور المستشفيات الحديثة لنقلها من بيتها لتساعد النساء في عملية الوضع، وغالباً ما كانت تقطع المسافة سيرا على الاقدام في ظلمة الليل البارد أو تحت الشمس الحارقة، فنادراً ما توفرت السيارة في ذلك الزمان، وأغلبية نساء الذيد في الماضي وحتى الحاضر القريب يلدن على يديها،.
ففي الصباح وفي الأفق ضياء قد لاح وعلى صياح الديك بالفلاح في هذا التمازج يحين وقت العمل عند الوالدة حمامة بنت عبيد الطنيجي فلا وقت للراحة عندها الا مع تدثر الشمس بلحاف الغروب وإدبار يوم مضى من العمر، تقسمه بين المرضى وشؤون الأسرة ولقمة العيش العسرة. على الرغم من علامات الزمن وتضاريسه البادية على محياها، وفقدانها بومحمد زوجها منذ ما يزيد على نصف القرن من الزمان ومن ثم رحيل محمد منذ عامين، إلا أن حمامة الطنيجي ما زالت وفية لمهنتها وإنسانيتها، كما انها استطاعت ان تقف أمام أعتى العواصف والتحديات لتحمي أحفادها وتربيهم أفضل تربية رغم قساوة الحياة.
واستطاع الكاتب عبدالله عبدالرحمن توثيق لقائه مع الطبيبة الشعبية حمامة الطنيجي في كتابه “الإمارات في ذاكرة أبنائها”، حيث تقول عن هذه المهنة انها لم تتعلمها ولم ترثها عن أحد بل كانت وليدة تجربة باستخدام الوسم (الكي) مع أعز ما في الحياة ابنتها، حيث داهمها المرض ولم تستطع الوصفات الشعبية ان تشفيها، فما كان من الوالدة حمامة الا ان تحسست العروق التي أدت بابنتها الى هذه الحالة فقامت بوسمها (بكيها) فشفيت بفضل الله، وهي من تلك اللحظة انطلقت مع رحلة الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب والوسم.
وتقول عن الوسم (الكي) هي عملية سهلة لمن يعرفها ويمارسها ولا يحتاج الى أكثر من آلة الكي الميسم وهي عبار عن قضيب من الحديد يوضع على الجمر حتى يحمر لونه من شدة الحرارة ثم يوضع على جسم المريض ويرفع بسرعة، وانتشر هذا العلاج بالمنطقة في الماضي بحيث لا تجد جسم رجل أو امرأة او حتى طفل الا وبه عشرات البقع من الوسم.
وتشير الى انها ترسل بعض المرضى الى المستشفيات بقولها ان مرضك دواه (علاجه) عن الدخاتر (الأطباء) وليس عندي، كما أن بعض الأطباء ممن يعرفها يرسل لها بعض الحالات التي تحتاج الى التداوي بالاعشاب والعلاج الشعبي وليس فقط الطب الحديث.
منقول
المفضلات