الحر_العنيد
23-01-2006, 03:43 AM
بسم الله الرحمان الرحيم
في كل بلد من هذا العالم هناك تقاليد وعادات تميزه عن غيره من البدان والشعوب فتتحول هذه العادات إلى معتقدات إن انحرف عنها الشخص يصبح مشركًا وقد يتبرأ منه والداه....
لن أتحدث عن العادات في الخليج فأنا لا أعرفها ....ولكن سأتحدث عن العادات التي توجد في بلدي تونس....
هناك قبائل في بلدي والأكيد أن كل بلد كانت بداياته في شكل تجمعات قبليه....
وكل قبيلة تُكَنى باسم....فهناك في المدينة التي أقطنها قبيله اسمها "أولاد سيدي محمد التليلي" وهي التي أنتمي إليها...وهناك قبيلة السماعله وهم "أولاد اسماعيل الحراث" ....وقبائل أخرى لا أعرفها ولم أسأل عنها....وهؤلاء كانوا أولياء صالحين....وكل واحد دُفن في بناءٍ معماره يشبه في شكله الجامع....
في كل سنة يقيمون احتفالا حول هذا البناء فيجتمع فيه المنتسبون لهذه القبيله ويقومون بذبح الخرفان والنسوه يطبخون المأكولات ....وهناك قلة من القبائل التي تقيم عروضا للفروسيه والرقص الشعبي كقبيلتي مثلا التي صارت مناسبة الاحتفال فيها واسعة النطاق على كامل الجمهوريه إذ حتى السياح الأجانب يأتونها....
وأنا بصراحه منذ صغري لا أحب هذه الاحتفالات وخوفي من غضب أهلي فإني لم أفصح عن هذا الإحساس....
حتى أنني في كل مناسبة أتعذر عن الذهاب....وإن ذهبتُ فلأنني وقعتُ تحت وطأةِ الضغوط ....في آخر مره ذهبتُ كانت قبل سنتين ....قلتُ لوالدي لن أذهب ....قال ليإن ذهبتِ فسأرضى عنكِ دنيا وآخره....
ولا أريد من هذه الدنيا غير رضا أبي وأمي....فذهبتُ بالرغم مني....
قضيتُ الليلة في خيمةٍ نصبها خالي....والمكان الذي يقيمون فيه عادة هذه الاحتفالات هو مكان ريفي بحت يشبه الصحراء لولا شتات بعض الأعشاب فيه...
نصبَ الجميع الخيام وكل عائلة تنفرد يخيمتها....وأمام تلك الخيام تشرع النسوة بتحضير الطعام ونصب الشواء والرجال يقومون بالمساعده.....
قررتُ في الصباح التالي أن أقوم بجولة داخل البناء الذي فيه قبر الولي الصالح ....وقبل دخولي اعترضتني عجوز مسنه وقالت لي "ابنتي خُذي البخور وهذا اللوبان وضعيه على ضريح سيدنا الولي الصالح كي ينجحكِ في دراستك ويمدك بالصحة وطول العمر"....صُعقتُ لما قالته...ولكن أخذتُ ما بيدها ولم أُرد أن أقول لها أن ما قلتهِ يا عجوز هو الشرك بعينه....إذ خشيتُ أن تفضحني وسط الجموع....
المهم ...دخلتُ حيثُ الضريح....الذي وُجد في وسط قاعة واسعه...ومليئة بالأطفال والنساء....ورائحة البخور والشواء تملأ المكان.....استغربتُ كيف تتمسح النسوة بالضريح وكيف يُقبلن الغطاء الذي وُضعَ فوقه...وأتذكر أن لونه كان أخضر مُطرز ....وأستمع للنسوة يرددن "يا سيدي محمد التليلي ساعدنا....يا سيدي محمد التليلي أعنا...يا سيدي...يا سيدي..."
وهناكَ من أعماها إيمانها بهذا الولي الصالح حتى باتت تبكي وتدعوه....والدعاء لغير الله شرك.....
ماذا عساي أن أفعل؟ ماذا عساي أن أقول؟
أرى الناس تشركُ وأنا ساكته....
في ذلك اليوم رجوتُ والدي أن يعيدني للبيت فلقد ضقتُ ذرعا بما رأيت....ولكنه قال لي "صبرًا يا ابنتي...ماذا سيقولون عنا؟؟"....
أجيبه "يا أبي أنت متعلم وجامعي كيف تؤمن بهذه الخرافات؟"
يقول لي "أعلم ذلك ولكن ما باليد حيله.....فسوف يتبرأون منا إذا قلنا لهم هذا"
تذكرتُ أيضا أن هناك فتاة درست معي تلك السنه...وهي الأولى بالصف....ولكن رغم تفوقها بالدراسه إلا أنها تؤمن بهذه المعتقدات...فهي دائما تقسم بشيخهم الذي يدعى "الفالح"....ودائما تقول "وسيدي الفالح....."
حتى أن أستاذ الفلسفة قال لها إنتِ تؤمنين بالفالح أكثر من الله....فما كان منها إلا أن ضحكت إذ اعتبرتها نكته...ولكنه كان صادقا بما قال
موقف محير....أخشى فيه إن تكلمت خسرتُ أهلي....وأخشى إن سكتت أن أكسبَ ذنبا أمام الله.....
لا حول ولا قوة الا بالله
في كل بلد من هذا العالم هناك تقاليد وعادات تميزه عن غيره من البدان والشعوب فتتحول هذه العادات إلى معتقدات إن انحرف عنها الشخص يصبح مشركًا وقد يتبرأ منه والداه....
لن أتحدث عن العادات في الخليج فأنا لا أعرفها ....ولكن سأتحدث عن العادات التي توجد في بلدي تونس....
هناك قبائل في بلدي والأكيد أن كل بلد كانت بداياته في شكل تجمعات قبليه....
وكل قبيلة تُكَنى باسم....فهناك في المدينة التي أقطنها قبيله اسمها "أولاد سيدي محمد التليلي" وهي التي أنتمي إليها...وهناك قبيلة السماعله وهم "أولاد اسماعيل الحراث" ....وقبائل أخرى لا أعرفها ولم أسأل عنها....وهؤلاء كانوا أولياء صالحين....وكل واحد دُفن في بناءٍ معماره يشبه في شكله الجامع....
في كل سنة يقيمون احتفالا حول هذا البناء فيجتمع فيه المنتسبون لهذه القبيله ويقومون بذبح الخرفان والنسوه يطبخون المأكولات ....وهناك قلة من القبائل التي تقيم عروضا للفروسيه والرقص الشعبي كقبيلتي مثلا التي صارت مناسبة الاحتفال فيها واسعة النطاق على كامل الجمهوريه إذ حتى السياح الأجانب يأتونها....
وأنا بصراحه منذ صغري لا أحب هذه الاحتفالات وخوفي من غضب أهلي فإني لم أفصح عن هذا الإحساس....
حتى أنني في كل مناسبة أتعذر عن الذهاب....وإن ذهبتُ فلأنني وقعتُ تحت وطأةِ الضغوط ....في آخر مره ذهبتُ كانت قبل سنتين ....قلتُ لوالدي لن أذهب ....قال ليإن ذهبتِ فسأرضى عنكِ دنيا وآخره....
ولا أريد من هذه الدنيا غير رضا أبي وأمي....فذهبتُ بالرغم مني....
قضيتُ الليلة في خيمةٍ نصبها خالي....والمكان الذي يقيمون فيه عادة هذه الاحتفالات هو مكان ريفي بحت يشبه الصحراء لولا شتات بعض الأعشاب فيه...
نصبَ الجميع الخيام وكل عائلة تنفرد يخيمتها....وأمام تلك الخيام تشرع النسوة بتحضير الطعام ونصب الشواء والرجال يقومون بالمساعده.....
قررتُ في الصباح التالي أن أقوم بجولة داخل البناء الذي فيه قبر الولي الصالح ....وقبل دخولي اعترضتني عجوز مسنه وقالت لي "ابنتي خُذي البخور وهذا اللوبان وضعيه على ضريح سيدنا الولي الصالح كي ينجحكِ في دراستك ويمدك بالصحة وطول العمر"....صُعقتُ لما قالته...ولكن أخذتُ ما بيدها ولم أُرد أن أقول لها أن ما قلتهِ يا عجوز هو الشرك بعينه....إذ خشيتُ أن تفضحني وسط الجموع....
المهم ...دخلتُ حيثُ الضريح....الذي وُجد في وسط قاعة واسعه...ومليئة بالأطفال والنساء....ورائحة البخور والشواء تملأ المكان.....استغربتُ كيف تتمسح النسوة بالضريح وكيف يُقبلن الغطاء الذي وُضعَ فوقه...وأتذكر أن لونه كان أخضر مُطرز ....وأستمع للنسوة يرددن "يا سيدي محمد التليلي ساعدنا....يا سيدي محمد التليلي أعنا...يا سيدي...يا سيدي..."
وهناكَ من أعماها إيمانها بهذا الولي الصالح حتى باتت تبكي وتدعوه....والدعاء لغير الله شرك.....
ماذا عساي أن أفعل؟ ماذا عساي أن أقول؟
أرى الناس تشركُ وأنا ساكته....
في ذلك اليوم رجوتُ والدي أن يعيدني للبيت فلقد ضقتُ ذرعا بما رأيت....ولكنه قال لي "صبرًا يا ابنتي...ماذا سيقولون عنا؟؟"....
أجيبه "يا أبي أنت متعلم وجامعي كيف تؤمن بهذه الخرافات؟"
يقول لي "أعلم ذلك ولكن ما باليد حيله.....فسوف يتبرأون منا إذا قلنا لهم هذا"
تذكرتُ أيضا أن هناك فتاة درست معي تلك السنه...وهي الأولى بالصف....ولكن رغم تفوقها بالدراسه إلا أنها تؤمن بهذه المعتقدات...فهي دائما تقسم بشيخهم الذي يدعى "الفالح"....ودائما تقول "وسيدي الفالح....."
حتى أن أستاذ الفلسفة قال لها إنتِ تؤمنين بالفالح أكثر من الله....فما كان منها إلا أن ضحكت إذ اعتبرتها نكته...ولكنه كان صادقا بما قال
موقف محير....أخشى فيه إن تكلمت خسرتُ أهلي....وأخشى إن سكتت أن أكسبَ ذنبا أمام الله.....
لا حول ولا قوة الا بالله